اعمدة طريق الشعب

انحسار مهرجاناتنا الثقافية / عبد السادة البصري

بعد عام 2003 تنفّس المثقفون والأدباء الصعداء ، بدأت الحركة الثقافية تنشط شيئاً فشيئاً رغم كل شيء، حيث عُقِدَت مهرجانات وملتقيات ومؤتمرات أدبية وفنية إبداعية هنا وهناك ..وعودة سريعة لتلك السنوات المحصورة بين الأعوام ( 2004 ــ 2014 ) أي لمدة عقد واحد من الزمان نجد حراكاً ثقافياً تصاعدياً بدأ في مهرجان الجواهري الأول عام 2003 في بغداد ومهرجان المربد الشعري الأول عام 2004 في البصرة لتتوالى بعدهما المهرجانات تباعاً في بقية المحافظات ، وكأن المثقفين كانوا في سباقٍ مع الزمن ،رغم الإرهاب والمفخخات والطائفية البغيضة التي اشتعلت لكنهم استطاعوا أن يزيحوا الستار والغبار عن بقايا وتركات سنوات عجاف جثمت على صدر الثقافة والإبداع العراقي لأكثر من ربع قرن وحولته الى آلةٍ للردح والمدح والدعاية الإعلامية والتعبوية بعيداً عن سمات الإبداع الحقيقية.
فقد سعوا الى اقامة مهرجانات وملتقيات إبداعية عديدة و بأسماء لكواكب عراقية خالدة ( الجواهري .. الحبّوبي.. السيّاب.. البريكان.. ملتقى الحسين (ع) .. ملتقى عالم الشعر.. المتنبي.. الكميت.. كزار حنتوش.. مصطفى جمال الدين.. بيت الحكمة.. ملتقى جماعة كركوك.. قصيدة النثر.. الرواية.. بغداد للشعر العربي.. أبو تمام ..الخ) إضافة الى مهرجان المربد والملتقيات الشبابية الأخرى ومهرجانات التشكيل والفوتوغراف والتراث والسينما والمسرح.
وتكللت هذه المهرجانات والملتقيات بمؤتمر المثقفين الذي عقد في نيسان عام 2005 والذي تمخض عن ورش أعمال وتوصيات ومقترحات لو تمّ الأخذ بها والعمل عليها لصعد الرقم الإبداعي لحراكنا الثقافي عالياً. لكن ملف المؤتمر أغلق ولم تفتح أوراقه لقراءتها منذ انتهائه ولحد هذه اللحظة فطويت صفحة ثقافية مهمة جداً!
بدأت المهرجانات والملتقيات بالانحسار والتلاشي شيئا فشيئا نتيجة عدم الاهتمام أولا وقلّة الدعم المادي وعدمه ثانياً ،فتوقف مهرجان كزار حنتوش في الديوانية ، ونُسي تماماً مهرجان الحبّوبي في الناصرية ، وافتقر جدا مهرجان المتنبي في واسط ،وانتهت مهرجانات السياب ، البريكان، الحسين ، عالم الشعر، قصيدة النثر، الكميت.. الخ الى التلاشي !
وقفة قصيرة لما أعطته هذه المهرجانات من دعم معنوي للأدباء والمثقفين وعززت الأواصر بينهم في جميع الاتجاهات ومجالات الإبداع كافة تجعلنا نتساءل:
ما هو عمل وزارة الثقافة إذا لم يكن هناك حراك ثقافي إبداعي؟!
منذ أكثر من عامين لم يتحرك حجر في ماء ساكن أبدا ، سوى إقامة دورة واحدة لمهرجان المربد الذي عقد في كانون الثاني 2016 بدلا من إقامته عام 2015.. ومهرجان المتنبي الذي أقامته الحكومة المحلية في واسط بإمكانيات بسيطة جداً!
اليوم علينا أن نراجع برامجنا جيدا لنبدأ بتحريك الواقع الثقافي ووضع دراسة وآلية جديدة لهذا الحراك، من خلال قراءة مقترحات وتوصيات مؤتمر المثقفين الذي عقد في نيسان عام 2005 والذي عقد فيه المثقفون ورشاً ولقاءات وحوارات ونقاشات لبحوث ودراسات حول آلية إنجاح الحراك الثقافي في العراق.
علينا أن ننفض الغبار عن هذه المقترحات والتوصيات لأنها لخصت افكار عدد كبير من مبدعي العراق الذين احتشدوا في ذلك المؤتمر، وأن نعيد مهرجاناتنا الثقافية الإبداعية الى الواجهة مرة أخرى وبثوب وتخطيط إبداعي جديد ومدروس من جميع الزوايا .