اعمدة طريق الشعب

حذار من تدهور الخزين الغذائي الاستراتيجي! / إبراهيم المشهداني

كثيرة هي المؤشرات التي تشير الى تزايد مخاوف العراقيين من تدهور السلة الغذائية ، فهي مهددة بالانهيار يوما بعد آخر وهذه المخاوف مبعثها جملة من المظاهر لعل في مقدمتها النقص الحاد في المخزون الغذائي الناتج عن عوامل عدة أولها تآكل البطاقة التموينية منذ ما يزيد على ثلاثة عشر سنة والتي انتهت إلى أربع مواد توزع بغير انتظام بعد ان كانت تزيد على اثنتي عشرة مادة على الرغم من كثرة التخصيصات المرصودة لها في الموازنة العامة للفترة بين 2008—2014 لكنها وبفعل تزايد ظاهرة الفساد لم تكن هذه البطاقة بمنأى عن الأيدي العابثة التي راحت تقضم مفرداتها الواحدة تلو الأخرى .
ويتمظهر تدهور السلة الغذائية من جهة أخرى بتدهور في الخزين الاستراتيجي من الأغذية سواء المنتجة محليا او المستوردة وهذه الأخيرة تعاني ليس فقط من قلة كميتها وعدم كفايتها لسد الطلب الاستهلاكي ، ولكن بنوعيتها الرديئة التي لم تستطع وزارة التجارة وهي المسؤولة عن استيرادها ان تحافظ على نوعيتها المقبولة ولم تستطع وزارة التخطيط من خلال الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية من الحفاظ على سلامة الأغذية المستوردة ولجم التجار المتعاقدين على استيرادها والذين لم يظهروا قدرا من الحرص على احترام خيار المواطن في سلة غذائية تتماشى مع صحته التي تتعرض للانتهاك المرة تلو المرة . إن تجليات الأزمة الغذائية لا تقتصر على الإنتاج المحلي فحسب بل لها ارتباطها بأزمة غذائية عالمية بفعل العوامل المناخية وإدارة الاقتصاد على المستوى العالمي .
إن تخوف بعض البرلمانيين العراقيين من تراجع الأمن الغذائي في العراق له ما يبرره في الواقع فان التخصيصات المثبتة في موازنة عام 2017 تشكل قلقا حقيقيا أمام المتابعين للشأن الغذائي اذ تشير الأرقام ان التخصيصات في موازنة عام 2017 تقدر ب 1,7تريليون دينار وهذا الرقم المتواضع لا يتناسب مع الطلب على المواد الغذائية التي تستوجب خمسة تريليونات دينار حيث يتوجب من وزارة التجارة استيراد سبعة ملاين طن منها 4,4 مليون طن من الدقيق و1,2 مليون طن من الرز و900 إلف طن من السكر ، اضافة الى المواد الأخرى التي يتطلبها الاستهلاك المحلي من الزيت والحليب وهنا يزداد القلق بشكل مثير .
إن المشكلة الحقيقية المطروحة على طاولة الحكومة في هذا الوقت تتمثل بعجز الحكومة عن تسديد مستحقات الفلاحين من أثمان كميات الحبوب المسوقة الى الدولة منذ عام 2014 حيث بدت ملامح الأزمة بشكل أكثر تدهورا وإثارة ، ويبدو ان كافة الحلول التي وضعتها الدولة غير كافية لبعث الآمل في نفوس الفلاحين المحبطة منذ ثلاث سنوات مما وجد انعكاسه في التأثير على عدم استعداد الفلاحين لمعاودة عملية إنتاج الحبوب وخاصة الرز والحنطة والشعير بسبب تعاظم تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات ،وايضا ارتفاع أسعار الأنواع الجيدة من البذور المعفرة .بالإضافة إلى قلة الحصة الاروائية المخصصة لها في المناطق المروية ناهيك عن عمليات الاستصلاح الواجبة لإعادة الحياة الى الزراعة في العراق .إن الدولة وهي تدرك حجم الأزمة في إنتاج المادة الغذائية عليها إن تشرع بدون إبطاء او تردد في وضع إستراتيجية لمعالجة الأزمة عبر حزمة من الإجراءات الفاعلة نذكر منها ما يلي :
• التركيز على الإنتاج المحلي وتشجيع الفلاحين على زراعة المحاصيل الإستراتيجية كالحنطة والشعير والذرة والرز والسكر والاستمرار باستيراد مفردات البطاقة التموينية لحين تحقيق الاكتفاء الذاتي .
• العمل على انتخاب السلالات الجيدة من الحبوب النقية واستخدام عمليات التهجين التي تجمع بين صنفين او أكثر للحصول على تراكيب وراثية جيدة والتنسيق بين كليات الزراعة في الجامعات العراقية .
• استخدام أساليب التوعية للفلاحين في مجال زراعة الحنطة والرز وكافة المحاصيل الأخرى وخاصة في مجال استخدام البذور المحسنة وطرق مكافحة الإمراض التي تصيب المزروعات والاستخدام الصحيح للمبيدات .