اعمدة طريق الشعب

الاحتياطي النقدي ينخفض بشكل خطير / إبراهيم المشهداني

بعض التوصيفات لأزمة الاقتصاد العراقي، تذهب إلى استنتاجات قاصرة عن إدراك عواملها الكلية، اذ تذهب إلى ان هذه العوامل تندرج ضمن قائمة الحرب والنزوح والإدارة المتهورة في هدر الثروة سواء بالسرقة او الفشل وغياب التخطيط السليم غير ن هذه التوصيفات على صحتها فإنها لم تتحدث عن السياسة النقدية السائدة التي لا تقل خطرا في التفريط بالاحتياطي النقدي الذي يفقد العملة الوطنية قوتها الضرورية وإضعاف دورها في تحفيز عملية النمو الاقتصادي والذي يشكل حاجة ماسة في إعادة بنية اقتصاد البلد .
وبالرغم من التطمينات التي يصرح بها مسؤولون في البنك المركزي وبعض مستشاري الحكومة من قدرة الاحتياطي على تغطية الاستيرادات لعدة أشهر فان هذا الاحتياطي يتهاوى بمعدلات مخيفة ينذر بخطر كبير على قيمة الدينار ويدفع بالعراق إلى مزيد من الاقتراض في وقت لم تتضح بعد ملامح أسعار البترول لعام 2017 بعد الاتفاقات مع دول أوبك وخارجها .
وان مبعث التخوف هذا يعكسه الانخفاض الشديد في حجم الاحتياطي النقدي حيث كان عام 2014 اكثر من 80 مليار دولار ويصل اليوم حسب تصريحات اللجنة الاقتصادية البرلمانية عند 34 مليار دولار وان معدل الانخفاض يصل إلى 43 في المائة خاصة وان بعض التقديرات تشير إلى ان معدل الانخفاض السنوي 9 مليارات دولار سنويا فكيف سيواجه المسؤولون في البنك المركزي هذا الخطر المحدق؟
وفي إطار تحليل الظاهرة يرى بعض المسؤولين في البنك المركزي إن من العوامل الضاغطة على الاحتياطي النقدي هو ما تقوم به الحكومة من إصدار حوالات وسندات يقوم البنك المركزي بشرائها في مقابل إصدار نقدي جديد لصالح الحكومة من دون غطاء يكفي من العملة الأجنبية ومن شأن هذا ان يتحول إلى طلب على الاستيراد بالدولار نتيجة للعجز الكبير في الموازنات السنوية فيما يبرر محافظ البنك المركزي السابق ويقول إن تقييد بيع العملة من قبل الحكومة و مجلس النواب يمثل تدخلا في استقلالية البنك وبالتالي يتسبب في ازدواجية سعر الصرف مما أدى إلى خلق سوق مواز اغتنى منه البعض وتم من خلاله تمويل الإرهاب فيما يحمل محافظ البنك المركزي وكالة الحكومة ومجلس النواب مسؤولية انخفاض الاحتياطي .
إن سعر الصرف هو نتاج طبيعي لمتانة الاقتصاد وتناسق الأداء الاقتصادي وحجم المدخلات والمخرجات المحلية والأجنبية بين أنشطته الاقتصادية ومستوى التوازن الداخلي (ادخار – استثمار) والتوازن الخارجي لميزان المدفوعات (الصادرات والواردات ) ولهذا فمن المهم جدا عدم إهمال القوى الحقيقية التي تخلق القيم والدخول والتراكم والنمو . كما انه من الخطأ التمسك بقوة بنافذة البنك باعتبارها الطريق الأسهل وبالتالي جعل الاقتصاد برمته خاضعا لتذبذبات سعر الصرف وعمليات المضاربات في السوق . واستناد لما تقدم فان الحكومة مدعوة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات لإيقاف نزف العملات الصعبة بالطريقة السائدة حاليا من خلال:
• العمل على ضبط إيقاع بيع العملة بما يتناسب مع الكميات النقدية الداخلة إلى البنك المركزي عن طريق بيع النفط من خلال وزارة المالية ، والتنسيق والتشاور مع البنك المركزي عند إعداد الموازنات السنوية .
• دخول البنوك الحكومية الى عملية شراء العملة وتنشيط عملية الاستثمار وتوجيه القطاع الخاص باستيراد البضائع التي تحتاجها السوق الداخلية.
• إحكام الرقابة على المصارف الأهلية والأجنبية باستخدام الأدوات التكنولوجية لمنع أساليب التحايل والتزوير التي تستخدم في غسيل العملة وتهريبها إلى الخارج .
• تفعيل دور مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية ومكافحة شركات الصيرفة غير المجازة او الأنشطة النقدية الموازية.