اعمدة طريق الشعب

تحذير المواطنين ..! / د. سلام يوسف

تقوم الجهات الصحية المتمثلة بدائرة الصحة العامة/مختبر الصحة العامة المركزي، وهي مشكورة، بين آن وآخر بإعلام فرق الرقابة الصحية بعدم صلاحية مواد معروضة للبيع في الاسواق المحلية سائلة وصلبة يتناولها المواطنون.
ان هذا يتطلب جهداً متميزاً من حيث وصول المعلومات عن تلك المواد ومن مصادر مختلفة ومن ثم جمع عينات من تلك المواد ووضع اليد على كمياتها كإجراءات احترازية ثم ارسال تلك العينات الى مختبر الصحة العامة المركزي ومعهد بحوث التغذية ودائرة التقييس والسيطرة النوعية. وبالتالي تأتي النتائج بعدم صلاحية بعضها كمواد تدخل جوف الانسان كونها تحتوي على شوائب وملوثات ومواد مرتفعة درجة السمية ..وغير هذا من الاسباب والتي جميعاً تخضع لدستور التغذية العراقي ضمن قياساته المرتكزة اساساً على الضوابط العالمية.
وبعد تزويد (يُطلق عليها علمياً، تسمية "التغذية الاسترجاعية للمعلومات") فرق الرقابة الصحية بنتائج تلك الفحوصات والتي تشتمل على اسم المادة وتأريخ الانتاج والنفادية ورقم الوجبة والمنشأ وأسباب الفشل، تقوم تلك الفرق وضمن واجباتها الرقابية بالبحث عن تلك المواد في المحلات والأسواق من اجل اتلافها وحماية المستهلك من الوقوع في شباك اقتنائها دون ان يعلم بموانع اقتنائها.
وإذا افترضنا أن فرق الرقابة الصحية تقوم بواجباتها على اكمل وجه (علماً أن هذا الأداء قد شابه الفساد كجزء من منظومة الفساد المنتشرة في مفاصل الدولة اضافة الى تعرضه الى الضغوطات المختلفة والتهديدات المتنوعة وردود الافعال المنفلتة وبالمحصلة فالأسباب والنتائج جميعاً تعود الى غياب القانون وزعزعة قوته، "بفضل" المحاصصة)، فان كل ما تقوم به تلك الفرق، لا يمنع ولا يتقاطع مع اعلام الناس بمضمون نتائج الاختبارات والفحوصات، واذا ما جرى تبصير المواطنين بخبايا الأمور فاننا نحقق عدة غايات في ذلك، وهي، اشراك المواطنين في المهمة الإنسانية الوطنية في حماية صحة المجتمع وهذا تعبير واقعي ملموس في مفهوم الرقابة الشعبية ومفهوم حماية المستهلك، إضافة الى ان المواطن سيكون على بيّنة من امره والحفاظ عليه من التعرض الى الأخطار الصحية الناتجة عن تناول تلك المنتجات، وبالتالي فهي تصب في إشاعة الثقافة والوعي الصحيين والتي أصبحت اليوم أحدى أهم الأسلحة في المعرفة الصحية المجتمعية كون الرقي بالواقع الصحي لم يعد من مهام الجهات الصحية وحسب وإنما هو مهمة وطنية على الجميع المشاركة والمساهمة فيها.
فما الضير في اعلان تلك النتائج على الملأ ؟
ربما يقولون ان الاعلان سيسبب قلقا لدى المواطن وكذلك سيضر بسمعة الجهات المنتجة.
ان القلق لا يعني التوجس والتحسب اللذين يجعلان المواطن يحذر من تناول أي شيء موجود في الأسواق خصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يمر بها البلد: انفلات أمني ، حدود مفتوحة، فساد ..الخ.
أما سمعة الجهات المنتجة لمنتجات كهذه، فهي جهات تبحث عن الربح والكسب غير المشروع وبالتالي فقد ضحّت بسمعتها مقدماً قبل أن تطرح منتجها في الأسواق.
انها دعوة الى المعنيين بصحة المجتمع العراقي وبالتحديد وزارة الصحة، أن تُطلع الشعب (وبكل حيادية صادقة ومهنية علمية عالية) على نتائج الفحوصات المختبرية التي تُجرى على المواد الغذائية، كي تشركه في مهمة وطنية من نوع خاص، الا وهي مهمة حماية المجتمع صحياً بعد أن فشلت جهات أخرى من حمايته أمنياً.