اعمدة طريق الشعب

النخلة العراقية تذبح من جديد / إبراهيم المشهداني

كانت زراعة النخيل وإنتاج التمور من أهم منتجات القطاع الزراعي من حيث سد حاجة الاستهلاك المحلي وتصديرها إلى الخارج وكانت تحتل مكانة متميزة في القطاع الزراعي إلى جانب القطاعات الأخرى إلا إن الاهتمام بها قد اخذ في التراجع بشكل واضح خصوصا بعد الحرب العراقية الإيرانية التي تسببت في إعدام ملايين النخيل لاسيما في محافظة البصرة التي تعرضت أكثر من غيرها إلى العمليات العسكرية . وتشير المسوحات الإحصائية التي تنشرها وزارة التخطيط إلى ان نسبة مساهمة إنتاج النخيل في الإنتاج المحلي الإجمالي في عام 1995 كانت 19,4 في المائة وقد انخفضت بشكل كبير في عام 2008 اذ وصلت إلى 7,0في المائة وانخفض عدد أشجار النخيل من 36 مليون نخلة في ستينات وسبعينات القرن الماضي إلى 16 مليون نخلة عام 2011 كما انخفضت صادرات التمور من 180 ألف طن في عام 1980 الى 35 ألف طن عام 1985 وارتفعت الصادرات إلى 145 ألف طن عام 1990 وعادت فانخفضت إلى 30 ألف طن في عام 1995 وارتفعت قليلا الى 33 إلف طن عام 2008 .ويعود هذا التذبذب في التصدير إلى الظروف الأمنية المتدهورة بسبب الحروب التي شنها النظام وعملية الحصار المفروضة بقرارات مجلس الأمن والى ضعف الاستراتيجية الاقتصادية بعد عام 2003 . ومن دون شك فان تدهور زراعة النخيل في العراق وهو من المنتجات الاستراتيجية في الاقتصاد العراقي يعود الى جملة من التحديات التي توجه السياسة الزراعية التي اتبعتها وزارة الزراعة والوزارات الساندة لها ومنها وزارة التخطيط ووزارة التجارة والتي تتمثل في الإهمال الكبير ليس فقط في العملية الزراعية لأشجار النخيل ولكن الإهمال الكبير في مكافحة الآفات الزراعية التي تكابدها وتتسبب في موت الشجرة وضعف نموها وانخفاض إنتاجيتها وخاصة بعد عام 2003 بالرغم من توفر الأموال الطائلة التي ذهبت إلى جيوب الفاسدين بدلا من تطوير العملية الزراعية فضلا عن السياسة السعرية المنفلتة وانخفاض العوائد المالية من إنتاج النخيل التي لا تتناسب مع الجهود المبذولة في عملية إنتاج التمور إضافة إلى ضعف حماية إنتاج التمور من استيراد أنواع من التمور اقل جودة ولكنها أفضل تعبئة يقابل ذلك ضعف عمليات الخزن والتعبئة والتسويق زد على ذلك ضعف عمليات تصنيع التمور التي كان العراق في الماضي احد اهم الدول الرائدة فيها حيث كان التصنيع يتركز على أربعة مشاريع صناعية تعتمد على ثمار صنف الزهدي الذي يمثل اكثر من 60في المائة من إنتاج العراق وتتركز في إنتاج السكر السائل وخميرة التوربلا والمنتجات الكحولية والخل الطبيعي مع ان هناك الكثير من الأفكار التي يمكن تحويلها إلى حركة تصنيعية متنامية من خلال دراسة حاجات الأسواق العالمية التي تفتقر الى زراعة التمور . وانطلاقا من المستوى المتردي الذي وصلت إليه زراعة النخيل وإنتاجها يتعين على وزارة الزراعة وبالتنسيق مع الوزارات الساندة وضع استراتيجية واضحة وملموسة خاصة بالقطاع الزراعي تكون زراعة النخيل ورعايتها من أولوياتها منبثقة عن الخطة الخمسية لعام 2013 –2017 ، من خلال ما يلي :
• إقامة مشاريع رائدة في محافظة البصرة من القرنة حتى الفاو وإنشاء مجمعات لفسائل أصناف النخيل في كافة المحافظات للحفاظ على الأصناف الاقتصادية الرائدة منها وإدخال الغراس المستوردة المأخوذة عن الزراعة النسيجية موثوقة المصدر وإقامة المخابر لإكثار النخيل بتقنيات الزراعة النسيجية .
• القيام بحملات مكافحة الآفات الزراعية وخاصة آفة الدوباس واستخدام الطائرات الخاصة في المكافحة وهو الأسلوب الأكثر فاعلية في المكافحة حيث لا تنفع الطرق اليدوية في معالجة هذه الآفات وآثارها .
• إعادة تفعيل الصناعات المعتمدة على ثمار النخيل وأجزائها والاستفادة من الدراسات الأكاديمية والتجارب الحقلية الناجحة .
• تشجيع استخدام المكننة الزراعية وإدخال التكنولوجية المتاحة في مجال التعامل في زراعة وإنتاج التمور وفرزه وتصنيعه وإقامة جمعيات تعاونية متخصصة في زراعة النخيل وإنتاج وتسويق التمور .وتنشيط الإعلام الإرشادي والتوعوي في مجال تطبيق عمليات الخدمة والرعاية الفنية للنخيل .