اعمدة طريق الشعب

الصُفرة / قيس قاسم العجرش

إذا كانت هذه الكلمة غريبة على مسامعكم، فهي ليست بالغريبة على مسامع سائقي شاحنات النقل، ومكاتب النقليات، وحتى تجّار الجملة في بغداد.
.. أو اسألوا مسافراً عبر الطريق البرّي الصاعد الى كركوك، ومنها الى محافظات إقليم كردستان. وهو الطريق البرّي «الوحيد» الرابط بين وسط وجنوب العراق من جهة، وبين محافظات كركوك، السليمانية، أربيل، دهوك من جهة ثانية.
«الصُفرة» هي نقطة الكمارك التي تم استحداثها على الطريق الصاعد الى كركوك من بغداد، وهي تقع الى الشمال من بلدة الخالص وتبعد عنها قرابة 50 كيلومتراً.
لكن المسافر الذي يحمل حقيبة واحدة، أو حتى يسافر بدون حقائب، سيضطر الى قضاء ساعتين أو ثلاث ساعات، ريثما تتمكن سيارة الأجرة من تجاوز أسراب الشاحنات المحمّلة ذهاباً وإيابا.
الصُفرة، هي ساحة الكمرك الذي يشمل الشاحنات والبضائع القادمة من كردستان، أو عبر كردستان الى باقي أنحاء العراق.
وحين نقول أسراب الشاحنات المتزاحمة بفوضى لا تصدقها العين، فإننا نتحدث عن بضعة آلاف منها تقف على طريق من مسارين عرضه لا يتجاوز بضعة أمتار. هنا سأترك الأمر لخيالكم كي تستحضروا تجربتكم الخاصة في تصوّر الطريقة التي ستتمكن بها سيارة خاصة، أو سيارة أجرة صغيرة، من تجاوز هذا الميناء المُبتكر الذي لم يكلف أحد داخل الحكومة نفسه أن يحسب مدى الإساءة التي يسببها.
عن نفسي، أذكر أنني كنت أسافر في سيارة أجرة مع راكبين اثنين، متوجهين الى كركوك. كان الحل السريع بالنسبة لي هو أن أودّع سائقنا وأتجه سيراً على الأقدام. وما هي إلّا ربع ساعة من المشي حتى وجدتُ نفسي أتجاوز هذا التجمّع سيئ التنفيذ والسمعة. وبعده وجدت سرباً من السيارات الصفراء تنتظر أمثالي. وبالفعل وجدت أنني لم أكن الوحيد الذي قرر أن يترك سيارة الأجرة، ويستقل واحدة أخرى في الجانب الآخر من (الصُفرة).
مبروك عليكم صُفرتكم! التي تعلو فيها صورة الفوضى بأبشع نتائجها، ومبروك علينا المحطة الجديدة المستحدثة للانتقال مشياً على الأقدام، كي نتجاوز عقبة جديدة أخرى من عقبات بلادنا الحلوة( صفة الحلوة أعني بها البلاد وليس الصُفرة، أو من أقر وجودها).