اعمدة طريق الشعب

هذا الظلم للفلاحين.. لماذا؟ / راصد الطريق

اذا صح ما اعلنه الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية امس الاول الاثنين، فان الفلاحين الذين كانوا قد سلموا محاصيلهم الزراعية في السنوات الثلاث الماضية الى سايلوات الدولة، سيتسلمون اخيرا مستحقاتهم المالية مقابلها، وان يوم الاحد المقبل سيكون موعد تسديد تلك المستحقات.
الا انه حتى لو تم تنفيذ الوعد الجديد هذا فعلا ولم يلق مصير سابقيه من الوعود المماثلة، فان اسئلة عديدة في هذا الخصوص تبقى تبحث عن اجابات.
فلماذا حجزت مستحقات الفلاحين المذكورة حتى الآن؟ بأي حق ووفق اي شرع؟
وماذا كانت الغاية من إرجاء دفعها مرة بعد مرة؟
هل لأحد او جهة مصلحة في ذلك؟ ومن هي هذه الجهة؟ وما طبيعة هذه المصلحة؟
يقال انها مصلحة من يريدون إفشال حضور الدولة ودورها في النشاط الاقتصادي، لا سيما في النشاط التجاري. وهؤلاء هم كبار التجار الذين يستوردون المنتجات الزراعية ويسوقونها ويجنون من ذلك ارباحا طائلة، ومعهم بالطبع الوسطاء (السماسرة) الذين يشاركونهم العمل والمصلحة. فهم لا يقبلون بأقل من استمرار انفرادهم بالاستيراد والتسويق، وهيمنتهم عليهما واحتكارهم لهما ولارباحهما.
وهناك من يضيف ان تأخير تسديد المستحقات هو «جرّة اذن» للفلاحين المنتجين، هدفها إجبارهم على الكف عن تسويق محاصيلهم الى سايلوات الدولة، والتوجه بها بدل ذلك الى «علوات» التجار والوسطاء انفسهم، بما يعزز نفوذهم في سوق المنتجات الزراعية ويحكم سيطرتهم عليها.
فهل يعكس هذا التفسير يا ترى واقع الحال؟ ام ان هناك من لديه تفسير آخر لتعامل الحكومة غير المنصف والقاسي مع الفلاحين والمزارعين، فيرفدنا به؟ ويوضح لنا سبب التأخير في دفع استحقاقات جهود مضنية بذلت، واموال طائلة أنفقت؟
واسئلة أخرى: ألن يؤدي هذا النهج الذي يزيد سكان الريف فقرا، الى اجبارهم على الهجرة نحو المدن وتعظيم جيش العاطلين؟ ثم أليس فيه – من جانب آخر- هدر للعملة الأجنبية، وإخلال بميزان مدفوعاتنا، وإضعاف لقيمة عملتنا وسعر صرفها، وما يعنيه ذلك كله من تهديد لأمننا الاقتصادي وسيادة بلدنا واستقلاله؟