اعمدة طريق الشعب

يا كفاءات .. يا بطيخ ! / حسين الذكر

من غرائب واقعنا العراقي الجديد حد الانفلات والفوضى، لدرجة اصبح البعض، يكتب عن مهازل الديمقراطية وانفلاتات مجتمعية ، قد تحيل المستقبل الى ظلام جاهلية جديد ، نخشى ان نترحم من خلاله حتى على الدكتاتورية - لا سمح الله - ، فقد نهبت اغلب المؤسسات واصبحت ملكا خاصا وغنائم تدار من قبل متسلطين جدد منتخبا كان او معيّنا ، فالأغلب يتعاطى مع المنصب والمؤسسة الحكومية ، كملك خاص استحوذ عليه بالقوة والعدد، واتاحة الفرصة وترتيب الاوراق ما كشف عنه وما بطن ، لذا يبرر افعاله واستحواذه وهيمنته حد الطغيان ، لدرجة يصبح من حقه ان يأت بأقاربه ومقربيه واصدقائه على حساب المهنة والكفاءة والنزاهة والخبرة والانجاز والتاريخ ، الذي لم يعد له قيمة في ظل هيمنة شبه وراثية ، حتما ستصبح ( طابو ) في المستقبل القريب ، اذا ما ظل العراق بعيدا عن المؤسساتية يعاني التيه والانفلات الذي اطلق عواهن البعض من بعبعهم الذي كانوا فيه متخفين ايام زمان .
تحدثنا في الواقع الرياضي عن التهميش والابتزاز والتعيين غير المنصف هنا وهناك ، لدرجة اصبح الجاهل والأمي مقيما ، فيما غدا الاكاديمي نزيلا ، لا يسلم الا على ريشاته ، التي لم تنتف حتى الان ، كما تحدثنا عن فقدان الكثير من مدربينا ولاعبينا ورموز كرتنا، ممن ابعدو عن مناصبهم وعملهم ، بعد استحواذ اخرين على كل شيء ، بطرق عدة اتاحها عراقنا الجديد الذي يحاول البعض اعادتنا فيه الى عهد الاستبداد ، بعناوين وصور شتى ، لا يختلف من سلوكها الا الزي والشعار .
فيما اليوم نحاول الالتفات الى قدراتنا العراقية التي عملت وما زالت تعمل باحتراف في الدوريات العربية وربما غيرها بمجالات كرة القدم المتعددة ، في التدريب الفني والاداري والاعلامي والبدني ووو.. غيره الكثير ؟ مما اكسبهم خبرة وشهرة وقدرات متراكمة - للاسف - لم يلتفت إليها احد من مسؤولي كرتنا ، المنشغلين والمشغولين بملفات البقاء ، دون ان يضعوا اسس البقاء الصحيح ، التي تمكنهم من النجاح والتطور الفعلي دون الحاجة الى الالتفافات والاتفاقات ومحاور معينة .
هنالك عدد كبير من اختصاصيي اللعبة المتواجدين في دول الجوار العربي والاسلامي ، وكذا في اوروبا او استراليا والخليج العربي او حتى في اماكن اخرى ، لم تتح لهم فرصة العمل في العراق جراء ضآلة الفرص حد التلاشي ، بعد ان تمت السيطرة عليها من قبل الداخل ، بطرق واساليب شتى ، بالتاكيد ان الكفاءة ليست جزءا اساسيا او دافعا وحيدا محركا للعلمية برمتها ، مما افقدنا فرصة الالتفات الى طاقات فنية وتخطيطية وتحليلية وتدريبية واعلامية .. وغير ذلك الكثير، مما سيفيدنا حتما لو تم التعاطي معه بشكل ايجابي وبحس وطني وعقل مهني احترافي .
الاسماء كبيرة وكثيرة والمجالات متعددة لا يمكن حصرها وربما نسيان البعض بصورة محزنة ، لكن خسارتنا في تركهم وعدم تذكرهم والافادة منهم كبيرة ، مما يقتضي التنبيه والتذكير ، بتلك الكفاءات التي تعمل وتجتهد في مجتمعات ودول اخرى ، في روقت نحن في امس الحاجة إليهم . هنا قد يضحك البعض من طرحي المضحك فعلا ، وكانه يقول : ( عمي يا كفاءات يا بطيخ ، هم الي عدنا سرحوهم ) .. اقول صحيح ، ومع حزن المشهد وتشاؤمية المستقبل في ظل واقع قاتم ، الا ان شعارنا كان وما زال وسيبقى ابدا الدهر رغما عن كل الطواغيت : ( لا يصح الا الصحيح ) وسيأتي اليوم الذي تعالج الامور بقدر وحظ اوفر ، فان الاخيار في عراقنا اكثر واقدر ،اذ انه ديدن التاريخ ، فهل يستفيد من التجارب ويصحح العقلاء مسيرتهم وسياساتهم ، بما يضمن بقاءهم وتحسين الواقع وانصاف الاخرين ؟ سؤال قد تبدوا الإجابة عليه صعبة ، في ظل طبيعة انسانية شرقية لا تجيد ولا تعرف ولا تعيش الا مع ما تسميه الخير الآني .