اعمدة طريق الشعب

مزاد العملة والحاجة الى وقفة مسؤولة / «راصد الطريق»

بعد كل ما قيل واعلن وكشف ونشر في شأن مزاد الدولار ودور البنك المركزي، وبعد كل ما جرى تأكيده في خصوص تهريب العملة عن هذا الطريق وغسل الاموال ، ثم جرى نفيه ليتم تأكيده من جديد ..
بعد هذا كله، ألم يئن الاوان لوقفة جادة عند هذه المسألة، بعيدا عن الصراعات المنطلقة من مصالح ضيقة وعن التنافس الحزبي المؤذي؟
الا يشعر المعنيون بهذه المسألة وبالشأن الوطني العام اطلاقا، ان هناك حاجة الى عقد مؤتمر وطني لدراسة السياسة المالية والسياسة النقدية للبلاد، في اطار بحث شامل في ازمة اقتصادنا وآفاق تطوره؟
في هذا السياق تورد ارقام فلكية، تثير اشد المخاوف. نسمع مثلا ان ما يتراوح بين 300 و400 مليار دولار سُمح بتصديرها الى الخارج في سنوات 2005 – 2016 ، باسم تمويل الاستيرادات. الا ان ما دخل الى البلد فعلا من السلع والخدمات التي حُوّلت الاموال المذكورة لاستيرادها، لم تعادل قيمته سوى حوالي نصف تلك المبالغ الضخمة!
هل يعبّر هذا الا عن استنزاف هائل لموارد البلاد المالية؟ علما ان غسيل الاموال يشكل النسبة الاكبر من المبالغ المذكورة!
والأدهى من ذلك والأمرّ ان النزيف المريع تم ويتم عبر عدد صغير محدود من المصارف العراقية الخاصة الضالعة في مزاد العملة!
ترى ألم يحن الوقت للكشف عن هذه الجهات المتورطة في العمليات اللاقانونية واللاشرعية واللااخلاقية، التي تهدر موارد البلد وعملته الاجنبية؟
ألم يحن الوقت لردع هذا الجشع منقطع النظير، الذي يوفر لاصحاب بعض المصارف من السياسيين المعروفين المليارات والمليارات مجانا في الواقع، في الوقت الذي نواجه فيه مستحقات اعادة اعمار البلد، واعادة بناء مدنه وحواضره المدمرة، وحل مشكلات ملايين النازحين، وتطوير الخدمات المتدهورة، وتأمين فرص التنمية المستدامة، الى جانب مهمات الخلاص من الارهاب وتجفيف منابعه؟
ألا يستحق هذا كله وقفة مسؤولة في مواجهة حيتان الفساد، ولتحرير اقتصادنا ومساعدته على تجاوز الحال المحزن الذي انتهى اليه، وولوج طريق التقدم من جديد، بما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والرقي الحضاري للبلد؟