اعمدة طريق الشعب

المدرب الأجنبي.. هل يصلح الحال ؟ / منعم جابر

تدور هذه الأيام نغمة قوية حول استقدام مدرب أجنبي لقيادة الكرة العراقية بعد إقالة المدرب المحلي الكابتن راضي شنيشل بسبب تردي نتائجه والإخفاق في التأهل لنهائيات كاس العالم في روسيا 2018. و لابد من وجود كبش فداء لهذا الإخفاق ! وقد اعتاد قادة كرة القدم في بلدان الدنيا ونحن منهم تحميل الحلقة الأضعف في مثلث عناصر كرة القدم (المدرب، اللاعب، الإدارة) وهو المدرب طبعا تلك المسؤولية ومن ثم الإطاحة به إسكاتاً للأصوات المعترضة وإرضاء للغاضبين وهذا بالضبط ما حصل عندنا في الأسابيع الأخيرة.
هنا ارتفعت الأصوات وزادت المطالبات بإصلاح الحال وتغيير من يتحمل ما حصل في الساحة الكروية. وتم التركيز على المدرب والمطالبة بمدرب أجنبي لإنقاذ الحال وإصلاح الواقع لان المدرب المحلي لا يقدر على تحقيق المنجزات الكروية الكبيرة، لأنه آي المحلي يخضع إلى ضغوط كبيرة وظروف غير طبيعية واعتبارات عراقية لا يمكن للأجنبي القادم الخضوع لها والقبول بها ! وحول هذا الموضوع سيكون لنا حديث موسع في الأيام القادمة.
وفعلا بدأت المناورات والتجاذبات والتبريرات بان المدرب الأجنبي هو الأسلم لقيادة وتحسين وإدارة الكرة العراقية خلال المرحلة القادمة في ظل مدربين أجانب قدموا الشيء الكثير لكرة القدم في بلدان المنطقة والجوار بسبب الخبرة والمعرفة العلمية والاطلاع والقدرة على التحرك في عالم الاحتراف الذي نفتقر نحن اليها حيث مازلنا نعيش الهواية الساذجة كرويا ! في عالم الاحتراف الفسيح بزواياه وتفاصيله.
ابتداء أقول باني شخصيا أميل إلى فكرة المدرب الأجنبي وضرورة تواجده في الساحة الكروية العراقية لأسباب كثيرة ذكرت بعضها انفا ومع كل الود والاحترام للخبرة العراقية والقابليات الوطنية التي قدمت الكثير إلى كرة القدم الا أن الظروف غير الطبيعية التي مر بها الوطن ضيعت علينا الكثير من هذه الخبرات والمعارف بسبب الحصار وغياب التجارب العملية والميدانية.
لكن هنا يحق لنا أن نتساءل هل يستطيع المدرب الأجنبي أن يعمل في هذه الظروف ويقدم خبراته وتجاربه ونحن نعيش في ظل دوري كروي دون المستوى ومسابقات بسيطة ومحدودة لا تتعدى الدوري الممتاز وغياب منافسات وبطولات الفئات العمرية التي تقدم لنا المواهب الكروية التي تزخر بها الساحة العراقية، وأندية غير متعاونة مع اتحاد الكرة ولا تسمح للاعبيها بالتفرغ للمنتخبات الوطنية إضافة إلى وجود آفة التزوير والتلاعب بالأعمار التي دمرت الكرة العراقية وكانت من أسباب تراجعها! وكذلك وجود أندية لا تمتلك مواصفات الأندية الكبيرة من حيث المنشآت والملاعب الرياضية وان كانت بعضها تسير بخطى نحو غد جيد من حيث الملاعب والساحات.
إذا كيف يمكن لأي مدرب أجنبي أن ينهض باللعبة ويطور واقعها في ظل واقع مزر كهذا. وهنا يتطلب الأمر أن يكون هناك تغيير وإصلاح للواقع ووضع خارطة طريق وعمل إستراتيجي طويل يعتمد على العلم والعقلانية وفتح الباب أمام جميع الكفاءات والخبرات لأخذ دورها وليست ترضية هذا وإقناع ذاك فالعمل طويل ويحتاج مساهمة الجميع. إما إذا جاء المدرب الأجنبي على الأنقاض الحالية فانه سيشكل وبالا على وبال.