اعمدة طريق الشعب

قرار جائر وتبرير باطل / مرتضى عبد الحميد

اذا كان مفاجئا قرار عمادة كلية القانون/ جامعة القادسية في الديوانية بفصل أربعة طلاب في مراحل مختلفة لمدة سنة كاملة، بسبب الإساءة إلى سمعة الجامعة، كما تزعم العمادة، فان تأييد هذا القرار الجائر من قبل وزارة التعليم العالي، التي اعتبرت الافتراء القائل بأن فصلهم لا علاقة له بما جرى من أحداث في الجامعة! و إنه تم على وفق الأصول القانونية، يحمل مفاجأة اكبر، لا سيما بعد اعتصام مئات الطلبة أمام مبنى الوزارة، في وقفة تضامنية مع الطلاب المفصولين ظلما وعدواناً، ومقابلة وفد منهم للوكيل الأقدم في الوزارة، وطمأنته لهم، بأن الوزارة سوف توعز بتشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات الحادث، وإعادة الحق إلى نصابه.
يأتي هذا الاجراء التعسفي بحق الطلبة، عقب تصريح السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي بوجوب إعادة النظر في الأكاديميين ورؤساء الجامعات، وعمداء الكليات، وعدم السماح بتحويل الجامعات إلى ساحات للصراعات السياسية أو الطائفية، وان لا تجير الجامعات لطرف معين دون غيره.
ويبدو ان المتضررين أو من يتضررون من هذا الاجراء السليم في حالة تطبيقه، استبقوا الأحداث، وافتعلوا مشكلة لا علاقة لها بالغيابات أو بفرية الإساءة إلى الجامعة قولا وعملا، وإنما الغرض منها إيجاد ذريعة تساعدهم على البقاء في مناصبهم، وتشتت الانتباه في قضايا ثانوية، وتناصب الحقيقة العداء جملة وتفصيلا.
يضاف إلى ذلك خوف صناع القرار من الذين اقتحموا الجامعة وأقاموا في حرمها فعالية سياسية، رافقها إطلاق عيارات نارية، وإهانة وضرب عدد من الطلبة، لمجرد تعبيرهم عن آرائهم ومواقفهم من محاولات جعلها ميداناً للصراعات السياسية والفئوية والطائفية، ظنا منهم (أي الطلبة) أن الدستور كفل لهم حرية التعبير عن الرأي والمعتقد، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من « نظامنا الديمقراطي» وان السلطتين التشريعية والتنفيذية، ستتكفلان بحمايتهم، ومحاسبة كل من يتجاوز عليها أو عليهم!
والمفارقة التي تكشف زيف وبطلان التهم الموجهة للطلبة، أن لجنة الانضباط المشكلة من الكلية للنظر في «تجاوزهم» كانت قد تشكلت في 14/6/2016، لكنها وضعت أوراق عملها في ثلاجة الكلية، ولم تتخذ أي قرار في حينها، بل انتظرت سنة كاملة لتعلن هذا القرار البائس، دون خجل أو خوف من احد، طالما هي أمنّت وضعها بانحيازها الكامل للطرف الأقوى، وإظهار عنترياتها على الطلبة أنفسهم.
ان هذا القرار الظالم، له دلالات ومعان تتعدى معاقبة أربعة طلاب لا ذنب لهم، سوى شجاعتهم ووعيهم وعدم قبولهم بالخطأ، لتشمل الترويج لمن يريد فرض آرائه ومواقفه وسياسته بالقوة، والسعي لإجهاض أية محاولة تدخل في أطار عملية الإصلاح والتغيير التي ينادي بها المتظاهرون في ساحات الشرف منذ واحد وعشرين شهرا ويزيد.
سوف لن يسكت الطلبة عن حقهم المغدور، وسيتبعون كل الوسائل القانونية والأصولية، بما فيها توكيل جهات قانونية ومحامين أكفاء، لإلغاء القرار المستل من رفوف علاها غبار الحقد والدجل، كذلك لن تتوقف حملة التضامن الواسعة معهم، الرسمية والشعبية، إلا بإنصاف الطلبة، وافشال مخطط الراكبين خيول الانتهازية.