اعمدة طريق الشعب

سأردد «ليلة ويوم»كلما اشتقت لطيفك! / عطا عباس

كاظم الرويعي.. هذا الجميل المنسي، ابن مدينة المدحتية العذبة. سبق وأن كتبت عن آخر لقاء لي معه في أحدى صباحات شباط المبكرة والباردة من العام 1992، وتحديدا في ركن بعيد من المقهى الوحيد المجاور لكراج المدينة التي لم يغادرها الراحل الاّ لماما ليعود لها سريعا كملسوع!
كنت فلاحا و «زايرا « للأمام وعابر سبيل فجرا للمدينة، وكان «أبو تمام» يروم لقاء أول سيارة تقله الى بغداد! كان تعبا وحزينا ، وكأنه أختصر حزننا شديدا بانكسار انتفاضة آذار المجيدة عام ١٩٩١.
بادرني بهمس - وكأنه يكلم نفسه - قائلا: « أبو علي - هكذا كان يعرفني - الى متى سيدوم حالك مختفيا ومطلوبا للإعدام!؟».
أجبته مازحا: «أبو تمام ولا يهمك، أشرب جايك ... لقد امتهنت الاختفاء، وسنحتفل معا بمرور عقد ونصف على هذه «الشغلة»، وفي حضرة «الحمزة أبو حزامين» التي لا تبعد عنا الاّ دقائق!».
وأخذنا الحديث سريعا عن همومنا وعوزنا وآمالنا، مع وعد قاطع باللقاء سريعا!
ثم غربت الدنيا بكلينا وشرقت!
لكن موعدي المرتجى مع العذب «كاظم الرويعي» اختصره خبر مقتضب عن موت في غربة باردة ومدينة أبرد «عمان»، وكأن التابوت والقبر كانا مستحيلين لمن عشق بلدا عجيبا كالعراق!
لصديقي الراحل والمظلوم الشاعر كاظم الرويعي وعد بترديد رائعته «ليلة ويوم» التي غناها المطرب الراحل سعدي الحلي، كلما عنّ طيفه على البال. وما أكثر ذلك!