اعمدة طريق الشعب

مدرستي ... صديقتي / حسين علوان

انطلقت صوب اعشاشها الدافئة اسراب من الحمام والبلابل والعصافير الجميلة بملابسها الزاهية الرسمية. البنات بضفائرهن المتأرجحة والاولاد بحقائبهم الملونة وهم يستعجلون الوصول الى بيت العلم والمعرفة، بيت سيكشف لهم الحقائق واسرار الاشياء في مستقبل الايام.
الادارات ملزمة بتنظيم حفل الاستقبال لليوم التاريخي لهؤلاء الاطفال، وهو يوم ليس كباقي الايام، انه يوم الانطلاق نحو عالم جديد من التربية والتعليم والمستقبل الزاهر لجيل ننتظر منه الكثير الكثير. سيجد الاطفال انفسهم في أيدٍ رحيمة ورعاية كريمة من المعلمات والمعلمين الساعين الى بذل جهودهم من اجل تعليم هؤلاء الاطفال اوليات ومباديء التعليم، ليرسخوا فيهم حب الاجتهاد من اجل التفوق والظفر بمستقبل يؤمن لهم حياتهم القادمة .
اليوم الاول مهم جدا للطلبة، بدءأ من الاصطفاف في ساحة المدرسة وهم يبصرون الى حديقتها، حتى توزيعهم على صفوفهم بنظام جميل، وجلوسهم على مقاعد الدروس (الرحلات) ثم السبورة، تلك اللوحة التي وجدت ليتعلم منها الاطفال الحروف والارقام، وذلك الكائن الجميل الواقف أمامهم رجلا كان ام امرأة (المعلم)، هذا الانسان النبيل المحترم الناذر حياته من اجل ان ينشر بذور المعرفة والعلم في أذهان هؤلاء الاطفال. وسيبقى في ذاكرتهم حتى الشيخوخة لانه ملهمهم الذي يكنون له الاحترام.
سيقول لهم المعلم ان المدرسة بيتهم الثاني، ويجب الاعتناء بها والاهتمام بكل موجوداتها فهي ملكهم وعليهم رعايتها: لا تقطعوا الزهور من الحديقة بل انظروا اليها واستمتعوا بجمالها. سيعلمهم المعلم ان لا يكتبوا على الجدران في الصف وخارجه وان يلعبوا بشكل مهذب مع بعضهم ويقيموا صداقاتهم فيما بينهم وان يساعد احدهم الاخر في كل شيء سيجدون على الجدران يافطات جميلة بخط مفهوم وبارز كلها توجيهية تعلمهم كيف يستفيدون منها، مثلما كنا نحن قد تربينا عليها. ومن تلك المخطوطات (لا تؤجل عمل اليوم الى غد) او (من جد وجد) (المدرسة بيتك فحافظ عليه او (أزرع ولا تقطع). وفي ايامنا هذه ياحبذا لو نجد لافتة تقول (الطائفية سرطان ابتعد عنه).
نعم هكذا يجب ان يتربى فلذات اكبادنا في هذا الوقت الصعب الذي يمر به بلدنا الحبيب. يجب ان نعلمهم كل مسميات الفضيلة والوطنية وحب الوطن ومقت الطائفية البغيظة، وان نرسخ فيهم مفاهيم حب الناس والشعب والحفاظ على الوطن والتضحية من اجله ورفع رايته عاليا بين الامم والشعوب، من خلال التفوق بالعلم والمعرفة والتطور الذي يخدم كل فئاته المتعايشة داخل بودقته الزاهية الجميلة. لنعلم ابناءنا كما علمنا الجيل السابق من المعلمون الاصلاء النجباء قيم (الوطنية) وكيف نكون عراقين متحابين فيما بيننا ومتوحدين ومتمسكين بالقيم الانسانية العظيمة، كي نبني جيلا واعدا وقادرا على تحمل مسؤولياته القادمة في بناء وطن المحبة والسلام والازدهار ...