اعمدة طريق الشعب

لماذا هذا التجاوزعلى مناهل العلم؟ / عادل الزيادي

ربما لم تكن مدينتنا الديوانية هي الوحيدة التي تم التجاوز فيها على بنايات المدارس ومناهل العلم، وبلا شك يشاطرها العديد من المدن الاخرى. فمدرسة «التهذيب الابتدائية» في المدينة، تعد من اعرق مدارس المحافظة، وتقع في مركزها وفيها عقد مؤتمر لانصار السلام عام 1959، وتخرج من بين ثناياها العديد من الاساتذة والاعلام والادباء، حتى باتت منارا يشار اليه بالبنان. ومن خلال الساحة الرياضية الكبيرة لهذه المدرسة، تم استحداث عدد من المباني، هي «متوسطة الثقلين»، «مدرسة الفرات»، «مدرسة الصمود» و»العيادة الطبية الشعبية». لذلك الا تستحق هذه المدرسة ان ننظر اليها بعين الرعاية والاهتمام كمعلم بارز للعلم؟ لكن الواقع يشير إلى شيء آخر. فنحن نرى ان بناية المدرسة متهالكة، وآثاثها لا يرقى الى عراقتها ومعظم شبابيكها خالية من الزجاج، والتشققات تعلو جدرانها، والانكى من ذلك، وبجهود بعض العقول الاستثمارية (المتميزة)! استحدثت فكرة انشاء محلات في الساحة الرياضية للمدرسة، على الشارع المقابل لـ «جامع السيد نور»، وامام «سوق التحدي».
ربما يمثل هذا الإهمال والتجاوز، عقوبة للمدرسة لشموخها طيلة العقود المنصرمة أمام المدارس الاخرى التي تمتلك ساحات رياضية. فيضطرها ذلك إلى ان تكمم افواهها خوفا من تحويل ساحاتها الى محال استثمارية!
المواطنون يتساءلون: هل ان الظروف المالية الصعبة بلغت حد المتاجرة بأبنية المدارس بدواع واهية وغير مدروسة؟ واين مكانة التعليم في وقت نكون فيه احوج الى تطوير مناهل العلم لا الى تمزيقها اربا اربا؟ وهنا لا بد من الاشارة إلى ان الحكومات السابقة، والتي يعرف البعض منها بالدكتاتورية، كانت حينما تخطط لانشاء مدرسة تضع في اولوياتها انشاء قاعة للمسرح وأخرى للفنون التشكيلية ومختبر وساحة للالعاب الرياضية وغرف معدة للمستلزمات الفنية والرياضية. نحن الآن لا نطالب بهذا او ذاك، بل نريد المحافظة على محتويات الابنية القديمة وتصاميمها الأساسية، وعدم التجاوز عليها وتغيير بنيتها حتى تبقى عنوانا وصرحا علميا يستحق الثناء والتقدير من عموم الاجيال.
دعوة الى الجهات المعنية إلى الكف عن مشاريعها (الاستثمارية) من هذا النوع، والتفكير بمشاريع تصب في المصلحة العامة وتحترم مكانة المؤسسات التربوية والتعليمية.