اعمدة طريق الشعب

شهادات جامعية فاشلة! / عبد السادة البصري

منذ اللحظة الأولى لدخول الطالب إلى المدرسة وهو يُمنّي النفسَ بمستقبلٍ باهرٍ وشهادةٍ جامعيةٍ يستفيد منها في حياته !
ويرسم الطالب شخصيته على وفق الشهادة التي يتمناها ليعمل بها بصقل موهبته بالدربة والمران والقراءة ثم يعززها بالشهادة الجامعية !
قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ذات يوم !
وقد تتحطم أحلامه عند صخرة صماء !
وقد يأخذه التيار بعيدا عن مبتغاه ! وقد تصادفه ظروف صعبة تقلب وجهة حياته رأساً على عقب وقد .. وقد ..!
لكن أن يدرس ويتعب صيفاٍ وشتاءً مواصلاً الليل بالنهار ، ثم يتخرّج حاملاً شهادته الجامعية التي حلم بها ، مؤطرها بفرحته ليعلّقها في غرفة الاستقبال دون أدنى فائدة منها ، هي الصدمة الكبرى لكل واحد منا ؟! وهذا ما حصل ويحصل الآن. منذ خمسة عشر عاما و أبناؤنا الطلبة يتخرجون بالآلاف من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية بلا تعيين أو عمل ، ليكونوا عالة على أهلهم والطامة الأكبر إذا كانوا متزوجين طبعا ! شبابٌ بعمر الورود حالمون بمستقبلٍ كبير ، لكنهم صدموا بجلوسهم عاطلين عن العمل ، يتسكعون على الأرصفة ويقتلون الوقت في المقاهي واللعب دون أدنى فائدة لهم ولعوائلهم ، لأنهم اصطدموا بعقبة كأداء ، ألا وهي توقف التعيينات الحكومية ، ونادراً ما يحصل احدهم على عملٍ في شركة أهلية !
في كل دول العالم وضمن دساتيرها وخططها المالية سنوياً نجد قوائم مُعدّة وأرقام محسوبة مالياً وإدارياً وخدمياً للتعيين في دوائر الدولة ومؤسساتها التربوية والتعليمية والشركات الإنتاجية والخدمية كلا حسب اختصاصه ، بمعنى انه يتخرّج اليوم ويتعيّن غداً، لأنّه درس وتعلّم ليكون رجل المستقبل في بناء الوطن ! لهذا نجد إن جميع الأوطان تعتمد على أبنائها في تقدّمها وازدهارها ، لا أن تتركهم عرضة لأهواء الاستفلاس والحاجة واليأس والقنوط ، وكأنهم لم يحلموا ذات يوم ، ولم يدرسوا ويتعلّموا ويتعبوا في الحصول على الشهادة المعلّقة في غرفة الاستقبال !
على السادة المسؤولين ومَنْ يقود البلد تقع المسؤولية الإنسانية هذه في التفكير بمستقبل البلاد من خلال التخطيط والعمل الجاد على تعيين هؤلاء الخريجين وأمثالهم وتشجيع الآخرين على الجدِّ والاجتهاد للحصول على الشهادة ليقدّموا خبراتهم علمياً وفكرياً وثقافياً في عجلة البناء والأعمار، لا إهمالهم وتركهم عاطلين ، ومحاربة مَنْ يحصل عليها أثناء الخدمة و العمل ممن لم تسنح لهم الظروف بالحصول عليها في مقتبل العمر، وكأن شهاداتهم الجامعية فاشلة لا فائدة منها أبدا! وللموضوع تتمة في الأسبوع المقبل!