اعمدة طريق الشعب

نحو استغلال امثل للثروة المعدنية / ابراهيم المشهداني

تختزن الارض العراقية المعطاءة عدا النفط والغاز ثروات غنية من المعادن ربما تضاهي النفط من حيث القيمة الاقتصادية لدخولها في الكثير من الصناعات التي تحرك الاقتصاد الوطني. فيوجد في العراق الكبريت باحتياطي يقدر ب 600 مليون طن ويشكل 36 في المائة من الاحتياطي العالمي، ويصنف الاعلى في العالم من حيث النقاوة، حيث يحتل العراق المرتبة الاولى من هذه المادة وبالمرتبة الثانية من مادة الفوسفات باحتياطي مقداره 10,8 مليار طن، فضلا عن حجر الكلس ورمال السليكا واطيان الكاؤولين والبنتونايت والكوارتزايت والدولدومايت ورمال الزجاج (المرو). وبحسب المعهد الامريكي للطاقة فان العراق يحتل عالميا المركز التاسع من حيث الثروات الطبيعية. ولو تم استثمار هذه الثروة بالشكل الامثل لوفرت مصدرا ماليا مهما يدخل الى خزينة الدولة.
لقد اقدمت الحكومة العراقية في سبعينات القرن الماضي على الاستثمارفي منطقة المشراق بمحافظة نينوى لاستغلال مادة الكبريت المنجمي بلونه الاصفر التي تشكل نسبة النقاوة فيه 99 في المائة بإنتاج مقداره مليون طن سنويا، والفوسفات في منطقة عكاشات في محافظة الانبار بإنتاج مقداره 3ملايين طن سنويا. وكان من الممكن ان تتضاعف كميات الانتاج لولا الحرب التي اقدم عليها رئيس النظام آنذاك والحصار الذي فرضه مجلس الامن الدولي واصدر لوائح قانونية تمنع انتاج هذه المواد. وبعد عام 2003 اقدمت وزارة الصناعة بالرغم من شحة التخصيصات على تاهيل 122 من مجموع 283 معملا تعمل باقل من طاقتها التصميمية ضمن خطتها الاستثمارية للفترة بين عامي 2008—2014.
بيد ان هذه الثروة لم تحظ بالاهتمام الكافي الذي يتناسب مع اهميتها الاقتصادية على الرغم من الوفرة المالية العالية قبل الازمة المالية التي نشأت في منتصف عام 2014، بسبب انخفاض اسعار النفط وهذا هو التحدي الاول الذي يقيد التوجه للاستثمار الوطني في هذه القطاعات، اما التحدي الثاني فيتمثل بطريقة تفكير المسؤولين الحكوميين خصوصا من الطبقة البيروقراطية التي اغتنت من خلال وجودها في الاجهزة الحكومية وتحاول القاء اللوم على الشركات الحكومية بوصفها شركات فاشلة دون ان تشير الى ضعف الاستراتيجيات الحكومة في تاهيل هذه الشركات التي تعرضت للإرهاب والسرقة والاهمال الحكومي، ودعوة الشركات الاجنبية للاستثمار وفق نظام الشراكة استلهاما بتجارب الاستثمار في القطاع النفطي في العهود السابقة حينما كانت الشركات تستحوذ على الجزء الاكبر من ايرادات النفط. اما التحدي الاخر فيتمثل في اللوائح الدولية التي حرمت العراق من استغلال ثرواته في مجال الفوسفات والمعادن الاخرى التي تزعم انها تدخل في صناعة الاسلحة المحرمة دوليا، بالإضافة الى عدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية لتشغيل المعامل مع قدم المكائن والمعدات.
ومهما يكن من امر هذه التحديات والصعوبات المالية فان اعادة الحياة لهذا القطاع ليس بالأمر المستحيل اذا ما توفرت الارادة السياسية والادارة الرشيدة التي تخطط بطريقة علمية وتحدد اهدافها بوضوح ضمن استراتيجية اقتصادية شاملة، لهذا نعتقد ان الاجراءات التالية يمكن ان تفعل دور هذا القطاع واندماجه في عجلة التنمية الاقتصادية :
• وضع استراتيجية طويلة الامد للاستثمار في هذا القطاع ومن الممكن اتباع نظام جولات التراخيص اسوة بما يجري في وزارة النفط مع ادخال التحسينات المطلوبة على هذا النظام وضبط ايقاع المراقبة لعملية الاستخراج المعدني بما يضمن حسن الاستغلال وعدم التفريط بالثروة المعدنية .
• الاستعانة بالقطاع الخاص الوطني في عمليات التنقيب في المناطق الواعدة في مساحات محددة متفق عليها ولمعادن محددة تخص نوعا معينا من المعادن المطمورة. كما يمكن الاستعانة بالقطاع الخاص في بعض مراحل الانتاج .
• استخدام التكنولوجية في عمليات البحث والتطوير في معالجة الخامات وسبل تحسين نوعيتها وتوسيع خطوط الانتاج لرفع القيمة المضافة.
• الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى العاملين في الشركات الحكومية والادارات الناجحة التي اثبتت نزاهتها وكفاءتها وتدريب العاملين على استخدام التكنولوجية الحديثة التي سيتم ادخالها في العملية الانتاجية.