اعمدة طريق الشعب

سبب الاختناقات المرورية / شاكر العبادي

تقاس حضارة الشعوب وثقافاتها من خلال التعليم الجيد والقضاء العادل والنظام المنضبط بشكل سليم، لكن ما يحدث في العراق يختلف عما في الدول الأخرى. فمثلا من بين الاسباب التي ادت بنا إلى فوضى الاختناقات المرورية في بغداد، هو عدم قيام الدولة بوضع رؤية وتخطيط سليم لهذه المشكلة، لذلك صارت الشوارع لا تطاق بالمرة، وأصبح على من يريد الاستمرار في عمله اليومي أو انجاز مهمة ما، أن ينتظر في طابور خانق من السيارات يتجاوز مرمى بصره!
ان كثرة السيارات في الشارع البغدادي اليوم، أصبحت ظاهرة غير حضارية. وقد تفاقمت هذه المشكلة بعد أن استوردت الدولة سيارات كثيرة بدون تخطيط او دراسة، في الوقت الذي نشاهد فيه شوارع كثيرة قطعت، وجسورا عديدة لا يسمح المرور من خلالها لدواع يقال انها أمنية! فضلا عن انتشار نقاط التفتيش التي لا يجد فيها العديد من المواطنين أي نفع سوى انها تتسبب في إرباك حركة السير.
ويبدو ان الدولة عاجزة تماما عن معالجة مشكلة الاختناقات المرورية التي مرت عليها سنين، وصارت تتفاقم يوما تلو آخر. وها هو المواطن بات يتذمر كثيرا نتيجة انتظاره ساعات طويلة في الزحام المروري، خلال الصيف اللاهب او الشتاء القارس.
لم نلحظ أي حلول ناجعة لمشكلة الزحام. فطوابير السيارات لا تزال تمتد الى مسافات طويلة جدا في الشوارع، ما يضطر المواطن إلى النزول من السيارة التي يستقلها، والسير على الأقدام للوصول إلى وجهته بدلا من الانتظار ساعات طوال.
هكذا تسير الامور في بلدي، ولا اعتقد ان ثمة شيئا جديدا يحدث لمعالجة هذه الازمة المرورية الخانقة، التي أصبحت موضوع حديث المواطن، وهو يتلمسها باستمرار، ويعيش في أجواء من الإحباط والسأم.
حتى الآن لا توجد دراسات حديثة للخروج من هذه الشرنقة التي أثارت أعصاب المواطن وحطمت نفسيته. فالدولة هي من يتحمل مسؤولية تلك الازمة الخانقة، كونها فسحت المجال لها منذ البداية، فأضافت بذلك هموما جديدا إلى المواطن، الذي يعاني في الأساس هموما كثيرة في مسيرته الحياتية اليومية.
لا نزال نتمنى رؤية شوارع بلدنا وهي خالية من الزحام، ونتوق إلى مشاهدة الموظف والطالب والعامل وكل المواطنين، يسيرون في الشارع بصورة انسيابية مريحة بعيدا عن الاختناقات المرورية.. لكن تلك الأمنيات هل ستتحقق؟
الأمر يعود إلى الدولة!