اعمدة طريق الشعب

نعم.. انه الشهيد علي كاظم / حسين الذكر

اغلب نجوم الكرة وربما رياضيي العراق في القرن الماضي وحتى ما قبل التغيير في نيسان 2003 ، كان حالهم يرثى له مع انهم قدموا كل شيء في سبيل العراق ورياضته وعدوا بناة ومؤسسين فضلا عن كونهم محققي اغلب الانجازات في ظروف صعبة وامكانات محدودة ، لكنهم ظلوا اوفياء للعبة ولجماهيرهم ، وكان اغلبهم ضعيف الحال ماديا بسبب طريقة ادارة اللعب آنذاك ،فافضلهم كان يحصل على راتب موظف وربما بعض المخصصات.
فيما اليوم تغير الحال واصبح اغلب اللاعبين وبعضهم ما زالوا في ريعان الشباب وقد حسنوا احوالهم بشكل واضح من خلال عقود مليونية تدرها عليهم اللعبة بالتنقل من ناد الى ناد وبأسعار مغرية جدا لا يمكن وصفها مقارنة مع بقية رواتب وموظفي الدولة. علما ان العطاء الفني سابقا كان افضل بكثير مما يعطيه اغلب لاعبي اليوم ، بالنسبة للمنتخبات والاندية ، قد يكون الوفاء للنادي والكرة والالتصاق غير المادي سببا اساسيا في ذلك وربما البيئة الاجتماعية كانت تختلف بالقدر الذي انقلب فيه ميزان التقييم والقيم بعد 2003 وما اخذنا نشاهده ونلمسه من تأثيرات انفتاحوية على المشهد بشكل خطير .
علي كاظم هداف الدورة .. هكذا كانت تنادي وتهتف جماهير الكرة ايام زمان، وقد ظل ( ابو وسام ) يعاني شظف العيش والمرض منذ التسعينات، باحثا عن مصدر رزق وعمل تدريبي او في الشؤون الكروية تضمن سمعته واسمه وتاريخه ، وقد تنقل بين محطات خارجية ومحلية ، لكنه لم يحصل على ما يليق به ويستحقه ، بالرغم من كون الحكومة تصرف منحا للأبطال والرواد بواقع ( 400 ) الف دينار تقريبا شهريا ، الا انها لا تسد ولا تعني الكثير في ظل غلاء وحاجة الانسان في العصر الانفتاحي الحديث .
ظل علي كاظم يتنقل بوجع ومرارة بين محطات متعددة لعله يجد من يعينه او يخفف وطأة الالم الضارب في اعماق النفس قبل الجسد وهو طريح فراشه ، حتى لفته رحمة ربه وانتقل الى بارئه ، يبحث عن الطمأنينة والراحة التي لم يجدها بين اهل الارض فتناولته السماء في أحضانها الواسعة .. لينعاه الجمع الرياضي .. انه علي كاظم اسم كبير في رياضتنا وكرتنا التي للاسف لم تلتفت الا لمن يعيطها في عز شبابه ، وما ان يعتزل او يصاب حتى تطويه صفحات النسيان والقهر والحزن والالم النفسي .. والشواهد اكثر من ان تعد وتحصى .
وقد بعثت برسالة الى اهل الوسط الرياضي داعيا إياهم الى حضور مجلس قراءة الفاتحة على روحه ، الذي قررت المنظمة العراقية للمدربين المحترفين في كرة القدم اقامته في الكرادة على روح الفقيد ، وكان الدكتور باسل عبد المهدي احد من ارسلت اليه ولم اكن اعلم انه في الخارج . وبعد ساعة تقريبا وصلتني رسالة من الدكتور ، تنعى الفقيد تحت يافطة ( الشهيد علي كاظم ) الذي رثاه بكلمات تنطق وتبكي الحجر، معبرا عن حزنه واسفه لعدم حضوره مجلس العزاء لانه بسفر ، كما وعد بتقديم ، ما يمكن ان يجعله شريكا مع القائمين على مجلس العزاء، شهق عبد المهدي بكل حب وتقدير وصدق وامتنان للراحل الكبير شهيد الرياضة العراقية ، بوصف مجازي لكنه يحمل مضامين شاهدة على واقع ينتظر مواكب من معاناة والم الرياضيين في الامس واليوم وغدا، ما لم يعدل الوضع قانونيا ومؤسساتيا قبل ان يكون ذلك شخصيا .