اعمدة طريق الشعب

الادارة والتخطيط .. بعيدا عن منهج الاتحاد !/ حسين الذكر

بعد كل خسارة او هزة لمنتخباتنا الوطنية ، نتحدث ويتحدث الخبراء والمعنيون والمستشارون والجمهور عن خطأ كبير يقع به اتحاد الكرة العراقي منذ سنوات جراء غياب التخطيط وحسن الادارة ، او ما يمكن ان يسمى مجملا تحت عنوان الاستراتيج وان لم تكن المعان والتفسيرات دقيقة او متغيرة بنسب معينة وفقا لثقافات وخلفيات كل عن الاخر ، لكن على المجمل فان الادارة تعني حسن التدبير ، والتخطيط هو امكانية الوصول الى هدف ما وفقا لما متاح من الامكانات وكيفية توظيفها بشكل افضل .
فبرغم مرور خمسة عشر سنة بعد التغيير ومع بقاء اغلب العناصر الاتحادية بقيادة الدفة ، سواء على مستوى الاندية او الاتحاد او اللجان او التأثير في الساحة العراقية الكروية ، وبرغم صرف المليارات وبرغم التقلبات والاعتراضات والدروس والعبر الكثيرة، التي جادت بها ساحتنا ، لكن المشكلة قائمة لم تتغير ، بل تتأثر سلبا وتنحدر اكثر نحو مصاف مشاكل كبرى لا تحل الا بالتغيير الجذري ، بعد ان استعصى التغيير التدريجي ، في ظل لعبة ومؤسسة كروية واعلامية وجماهيرية لا يمكن الحد من تفاعلاتها وتأثيراتها المجتمعية ، في زمن اصبح العالم كله يتأثر بكرة القدم ويستفيد منها بحلول مجتمعية اخرى تكاد تكون عصية لولا كرة القدم .
المشكلة الكبرى ان الاتحاد المعني لأي لعبة ، يجب ان يتفرغ لقيادة اللعبة نحو حال افضل ، على مستوى الواقع والتنافس والنتائج والتأسيس والقاعدة والعلاقات مع الاخر ايا كان شكله بعده او قربه ...... والكثير الكثير مما لا ندركه بعد ولا يدركه الاتحاديون . اي بمعنى ان الاتحادات لا تلعب من اجل تحقيق نتائج كروية باي طريقة الاهم ان تغطي على الواقع المنحدر ، بل عليها ان تؤسس لمنهج كروي صحيح ، على مستوى البلاد عامة وما يمكنه ان يلامس ويلاقح المجتمع الكروي الدولي بصورة مثالية ، من حيث الاندية والمؤسسات التابعة والدوري والفئات والمسابقات والمنتخبات، التي تكون نتائجها دليل على صحة المسار وليس لتأكيد الهدف ، فعلى سبيل المثال حتى لو فزنا ببطولة خليجي 23 مع فقرها الفني وضحالة المشاركة فيها مقارنة مع العالم الكروي ، الا انها كانت ستغطي الكثير من العيوب والمساوئ مع انها ، لا تعني باي صورة من الصور ان كرتنا بخير .
ان الاتحاد مسافر بشكل دائم ولجانه لا تمتلك قدرة القرار الفعلي ، فهي محكومة بأعضاء الاتحاد المشرفين والاتحاد نفسه محكوم ومكبل بالتصويت والاجماع ، فضلا عن مصالحهم النادوية او الشخصية او العلاقاتية او الضغوط المحيطة بواقع وبيئة عراقية مريرة - وذلك واقع لا خيال- مما يعني ان المشكلة اكبر مما يتصور او يمتلك الاتحاد نفسه ، واذا ما أرادوا قيادة الكرة العراقية نحو حال افضل ، عليهم ان يقتنعوا بوجهة النظر التي تتطلب مشاركة الاخرين من اصحاب العقول المتقدمة وان لا يحصروا مصير كرتنا وتاريخها بهيئة عامة مفصلة تفصيل انتخابي سوف لن يقدر على حل ابدا ، كما عليهم أن يستعينوا بخبراء محليين واجانب ، وان يلموا شمل الاسرة الكروية المشتتة بالتهميش داخليا والمهاجرة بالخارج ، وان يبعدوا الطارئين وان يستوعبوا الاخرين وان يبقوا ويستقروا في المؤسسة والاتحاد والساحات دون سفر طويل كي يحسوا بحجم المسؤولية التي يتحملونها على عاتقهم فعلا لا قولا ، وان يعطوا وقتا اكبر يتيح لهم قدرة العمل والتخطيط والاجتماع والاستماع والرؤيا الحقيقية بعيدة النظر ودقيقة التشخيص .