التيار الديمقراطي

بيان التيار الديمقراطي حول احداث 30 نيسان 2016

في تطور جديد بالغ الدلالة اجتازت جموع المحتجين السبت الماضي اسوار المنطقة الخضراء، ووصلت الى مقر مجلس النواب تعبيراً عن غضب متنام إزاء المماطلة والتسويف من قبل البرلمان والسلطة التنفيذية، وازاء الاحجام عن اتخاذ قرارات حاسمة بشأن التغيير الوزاري. وهو التغيير المطلوب كخطوة اولية في اتجاه الاصلاحات الشاملة، التي ينبغي أن تمتد إلى مفاصل الدولة الأخرى مثل الهيئات المستقة ووكلاء الوزارات والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة الآخرين.
فرغم المطالبات الشعبية على مدى الشهور التسعة الماضية، واتساع حركة الاحتجاج لتشمل معظم المحافظات واوسع قطاعات الشعب، وتصاعدها لتتحول إلى تظاهرات مليونية واعتصامات ، ظلت القوى المتنفذة في السلطتين التنفيذية والتشريعية تعلن عن تأييد الاصلاحات وتطلق الوعود، فيما كانت تناور وتماطل لكي لا تفي بها وتنفذها، مؤكدة بذلك تمسكها بمواقعها وامتيازاتها التي يضمنها لها نظام المحاصصة الطائفية والأثنية، الذي مكّن الفاسدين وسرّاق المال العام من الهيمنة على مفاصل الدولة الحيوية.
وتؤشر أحداث 30 نيسان، بقوة، إخفاقات الطبقة السياسية الحاكمة في مجالات الادارة والتشريع وإستقلال القضاء وتوفير الخدمات و حل مشكلات الفقر والسكن والصحة والبطالة والتعليم ومشاكل النازحين والمهجرين، فضلا عن تقصيرها المريع في الدفاع عن ارض الوطن. وبسبب هذا انطلقت الاحتجاجات الجماهيرية الكبرى في عموم العراق منذ تموز 2015 ولحد الآن، وإستطاعت منذ شهرها الاول ان ترغم المجموعة الحاكمة من السلطتين التنفيذية والتشريعية على عرض مشاريع اصلاح بشكل حزم سياسية وادارية وأقتصادية وخدمية. غير ان التجربة العملية ومراقبة جدية القائمين بالإصلاح، بيّنت بجلاء ان المشاريع والحزم الاصلاحية دخلت في قنوات التسويف والمماطلة والالتفاف.
واظهرت نقاشات مجلس النواب في شأن التغيير الوزاري المقترح حجم الفساد السياسي، الذي جسده تمسك اقطاب النظام المحاصصي بإمتيازاتهم ورفضهم مطالب المواطنين والمواطنات. كما ظهر الى العلن عمق صراع المصالح بين تشكيلات البرلمان، الى حد إقدام مجموعة مؤثرة من النواب على إعلان الاعتصام ضد رئاستهِ. وكان ذلك القشة التي كسرت ظهر المؤسسة التشريعية الاولى في البلاد. ولم تتمكن قوى التأثير الخارجي والاقليمي من ردم الهوة بين كتلهِ مؤقتا، اذ سرعان ما كانت تعود الى الانفجار في كل مرة تطرح فيها قوائم التعديلات الوزارية، مشيرة الى الانسداد السياسي واستعصاء حله بالطرق التقليدية.
ان التيار الديمقراطي العراقي اذ يشجب التجاوزات على مقر البرلمان والاعتداء على بعض اعضاء مجلس النواب، والتي كانت " متوقعة جدا"، فانه يتضامن بقوة مع جوهر المطالب المشروعة للحراك الشعبي السلمي في مواجهة نهج التحاصص الطائفي ومنتجاتهِ ( الارهاب والفساد و التخلف).
ويدعو التيار الديمقراطي قوى الاحتجاج للاستمرار في الضغط على مواقع القرار السياسي، من اجل تحقيق البديل القائم على مبادئ المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، واعتماد معايير المهنية والكفاءة والنزاهة والشراكة الحقيقية في تكليف الشخصيات بالحقائب الوزارية والهيئات المستقلة والمناصب الادارية التي تتطلب موافقة البرلمان.
ولا بد في هذه اللحظات التاريخية والمفصلية من تمتين الروابط الكفاحية بين القوى المجتمعية المدنية والوطنية والاسلامية المعتدلة، وابقاء زمام المبادرة بيدها، والحيلولة دون انزلاقها الى مسالك فوضوية وعدمية. ذلك انها هي الضمانة الرئيسية لهزيمة نهج المحاصصة، وهي السبيل الوحيد لإخراج البلاد من ازمتها والحفاظ على فرص بناء دولة كاملة السيادة، قادرة على انفاذ القوانين. دولة تمارس سلطاتها الثلاث كامل صلاحياتها على وفق ما نص عليه الدستور، وعبر عملية تفكيك مستمرة لنظام المحاصصة بموجب توقيتات منهجية، تتكفل بإنجازها سلطة تنفيذية ذات صدقية وتحظى بثقة ورضا اطياف المجتمع العراقي، تدعمها مؤسسة تشريعية تعكس حقا سلطة الشعب لا سلطة امراء الطوائف والمراهنين على مقاطعة عمل مجلس النواب وتعطيله بذرائع مختلفة.
ويحذر التيار الديمقراطي من مغبة اتخاذ اجراءات انتقامية ضد شخصيات الحراك الشعبي تحت الشعار المخادع و الزائف ( الحفاظ على هيبة الدولة). هذه "الهيبة" التي مرغت بالوحل على ايدي زعماء الطوائف والفاسدين طيلة اثني عشر عاماً.
تحية للقوى الحية في الحراك الشعبي
تحية لقواتنا المسلحة والفصائل الساندة لها في المعركة الوطنية لتطهير الاراضي العراقية من دنس المحتلين الارهابيين
نحو جبهة وطنية مدنية للدفاع عن الديمقراطية وتحقيق الاصلاح والتغيير.
التيار الديمقراطي 3 ايار 2016