ادب وفن

المخرج المسرحي كاظم نصار: المسرح يقدم رؤى معرفية وجمالية / لقاء اجراه : طه رشيد

اخرج الفنان كاظم نصار عملين مسرحيين في الموسم الماضي لقيا استحسان زملائه من المسرحيين وحاز احدهما على اربع جوائز حين عُرض في عمان في شهر ايلول من العام الماضي بعد عرضه على المسرح الوطني وهو مسرحية " مطر صيف " من تأليف عبد النبي الزيدي، والمسرحية عرضت في اربيل ايضا . والممثلان الوحيدان فيها هما هناء محمد وفاضل عباس. وبمناسبة يوم المسرح العالمي، اجرينا مع الفنان كاظم نصار هذا الحوار:

ماهي الجوائز التي حصلت عليها مسرحية " مطر صيف"؟

الجوائز التي حصلت عليها المسرحية في عمان خلال عرضها في مهرجان(طقوس) الدولي هي جائزة افضل عمل وافضل مخرج وافضل ممثلة وافضل ممثل .

وما هي آخر اعمالك؟

آخر اعمالي الاخراجية، والذي عرض مؤخرا على المسرح الوطني، هو مسرحية "احلام كارتون " من تأليف الدكتور كريم شغيدل وتمثيل فاضل عباس وسنان العزاوي وآلاء نجم وعلاوي حسين واسعد مشاي. وينتظر العمل فرصاً اخرى للعرض لان يومين او ثلاثة ايام غير كافية لجهود تبذل لأشهر عديدة . خاصة وان الجديد في عملي الجديد هو الاشتغال على اسلوب الكابريه السياسي.

هل تختار اعمالك المسرحية بطريق الصدفة، اقصد المنجز الذي تحصل عليه، ام هناك شروط تحددها بنفسك ولنفسك؟

اختار اعمالي بناءا على درجة التصاقها بالمشكلات والظواهر، التي افرزتها الحالة العراقية بعد 2003.واحاول تقديم رؤية موضوعية لهذه الملفات الساخنة. وطبعا اميل الى صناعة العرض التكاملي الشامل، الذي يقدم رسالة موضوعية، عن مجمل التغييرات التي مرت عليها بلادنا ووفق منطق فني جمالي، لا يفرط بثوابت الجمال والدهشة والبناء المتماسك، ولست متعجلا ولا لاهثا من اجل الشهرة والمال . كل ما اتمناه المشاركة في الحفاظ على ثقافة بلدنا الجديدة والمتحولة والمتغيرة. ولست في معرض الاصطفاف مع الاعمال الرديئة، بحجة انها اعمال معارضة او احتجاجية، لان العمل المعارض هو عمل جيد ومتماسك، ويتوفر على عناصر وسياقات صحيحة، ومعيار النجاح عندي الاقتراب المحسوب من الجمهور النخبوي والمثقف.

ولكن كيف تربط بين المتغيرات والعمل الادبي او الفني ؟

منذ عقد ونحن نرصد انعكاس المتغيرات الدراماتيكية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على العالم وعلى بلادنا. وبالضرورة ينعكس ذلك في الادب والفن، ومنها الرواية التي تتحمل عبئا كبيرا في التقاط بؤرة هذه المتغيرات وتقديمها ..

وما هو العمل الذي اثار انتباهك مؤخرا؟

رواية (طشاري) للكاتبة العراقية (انعام كاججي) وحماسة الاصدقاء لقراءتها خاصة وهي تدخل في تقييم جائزة (البوكر) واعتقد ان اهمية هذه الرواية تكمن في تحديها للراهن العراقي وتقديمه رغم التباساته وتعقيداته بسلاسة وجمال نادرين عبر كوميديا سوداء ..الرواية سيرة ذاتية لطبيبة عراقية مسيحية اضطرت لترك بلادها واستجابت لدعوة الرئيس (ساركوزي) للمسيحيين ليقيموا في باريس وطبعا بسبب التعقيد العراقي والتهديد الذي واجهته عوائل عراقية عديدة ... تكشف الكاتبة عبر شخصية الطبيبة عن طبيعة العلاقات الاجتماعية وقيم التعايش التي كان العراق عليها في الاربعينيات والخمسينيات وما تلاها فهي مسيحية من بغداد تعيش في الديوانية، واصل عائلتها من الموصل، واصدقاؤها وصديقاتها من كل الاديان والمذاهب .... والراهن العراقي اليوم (يطشر) العائلة الى اجزاء في قارات متعددة ... الحفيد (اسكندر) الذي ولد وتربى في باريس، والذي يصمم مقبرة الكترونية للعائلة على حاسبته لوحده، يحتاج الى رواية منفردة، ترسل الرواية رسالة مفادها، ان العالم جن! لكن التسامح الديني قابل للحضور مرة اخرى ... كما تكشف الرواية بوجع وجمال اخاذ، ان الهجرة بوصفها مفتاحا اوحلا سحريا للسعادة، فكرة رومانطيقية وان اغلب الهجرات هي هجرات اضطرارية دامية وموجعة ..

هل تنوي تحويل هذه الرواية الى عمل مسرحي ؟

اتمنى ذلك ولكن هذا يتطلب جهدا ووقتا كبيرين .

اخيرا.. ماذا تقول بمناسبة يوم المسرح العالمي ؟

بهذه المناسبة اقول: كل عام ونحن نجدد الامل بالمعنى، معنى الحياة، والمسرح صانع امهر لهذا المعنى الذي يتصدى للتيه المعرفي، بمساءلاته النقدية الجادة، وهو اي المسرح يفحص الظواهر والأحداث نصا وعرضا، ويقدم رؤى معرفية وجمالية . فبدون المعنى تصبح الحياة فوضى وجحيما لا يطاق. كل عام نفحص ما انتج وما تحقق، ليس بمعزل عن التغيرات التي تطرأ على المجتمعات في العالم، وهنا في بلادنا ... نحتاج ان نستبدل لغة الشكوى الى مساءلات جادة ... لماذا يتراجع العرض المسرحي النوعي، اذا كانت قد تحققت الحرية المشروطة الحذرة، ربما بسبب انتقال السلطة، من قوة الدولة الى قوة القوى المجتمعية، التي تكبر وتصغر حسب الظرف الدولي والاقليمي والمحلي ... وإذا كان فضاء التداول للمسرح، قد انفتح عن سنوات ما قبل 2003 وحصارها .. فما هي المشكلة اذن؟ .. ثمة تدمير للمعنى، تدمير على يد من لا يجيدون انتاجه، ولا يعتقدون بضرورته، انطلاقا من ان الفوضى والفراغ، هما الفضاء الأمثل للطفيليين وغير المنتجين..
نتفاءل كل عام ونطمح ان يكون للمسرح، دور كبير في النهضة الثقافية، في ادانة الحرب والقسوة، وعشوائية الحرب وشعاراتها الإيديولوجية، وفي فضح الإرهاب والعنف والتصدي له، ومن ثم كيف نعود تدريجيا، بان نجعل من المسرح جزءا اساسيا من حياة الناس اليومية، ومصدرا لمتعتهم وفائدتهم.