ادب وفن

حمامات 31 آذار / مقداد مسعود

«1»
هل يُعقل ...
رجلٌ أفتدى وطنا َ
بعماله ِ وفلاحيه ِ... سجنائه ِ.. نسائه ِ.. أطفاله
وأفتدى النخيل.. البلوط.. الأهوار
شغيلة َفكرٍ .. مجانين رؤيا .. ناظرين الى
النجوم..
هل يعقل..؟
الرجل الذي افتدى عراقه ُ
بفقراته العنقية
هل يعقل..؟
مايزال في حديقة الغرباء..؟
«2»
أسريت ُ إليهِ في ليلة ٍ
كان الليل ُ يخيط ُ السماء َ بالأرض..
الأحجارُ تتبخر
غَمرني صمت ٌ أعمقُ مِن الصمت ِ ..
تفتحّتْ البوابة ُ كوردة ِ الصباح
رأيت ُ سماءً على العشبِ
رأيتهن قطوفا دانية ً
الزهرة.. المشتري.. عطارد.. المريخ.. زحل.. نبتون.. اورانوس..
أختضتْ دغلة ٌ
وانكشفت عن رفرفة ِ الفضة ِ والياقوت ِ والدرِ
فرأيتُه ُ كما يفتح ُأزرارَ قميصه ُ : يفتح قبرَهُ
دنوتُ منه ..
همسته ُ...
: ماذا تفعل ياسيد القمح البعيد ؟
تأملني فأعشوشبت روحي القاحلة، ثم دنا فصرت ُ قاب قلبين أو أدنى..ثم خاطبني
إنني يا إبن مسعود..كلما أليلَ الليلُ أبحث ُ عن رجل ٍ
لا يسكن ..
هذا القبر..
منذ 14
شباط 1949
«3»
الأيام ُ التي طالبتنا بالنظافة ِ، هي التي قادتنا
الى الحمّام.
حممتنا..غسلت ْ ملابسَنا..كومتها في طست..ثم غادرت ْ
كم المسافة ُ بين الفعلين : غَادَرَ/ غَدَر َ؟
هل ذهبت الأيام ُ لتشتري حبال َ غسيلٍ..؟!
لماذا لم تمنح نظافتَنا، ملابس َ أخرى؟
الى كم ونحن في هذا الحمّام ؟
أنغادرهُ مغدورين عرايا..؟
متى...؟
متى تستيقظ ُ ملابسَنا بنسختِها الأولى؟
«4»
في هذا العراق ِ المراق ِ بِلا سبب ِ
كأننا ملابسُ شَتَوية ٌ..
تتباطأ ُ وهي تدوسُنا بمكواتِها : سلحفاة ِ النار..
عمودُ الخيمة ِ :صار منسفحاً مثل قماشِها..
لحظتَها ...
: الحياءُ كان يتمطى بنقاهته ِ
الوحش ُ يرّبي حروبه ُ بلحوم أولادِنا..
يرّبي مخالبه ُ بختان حوريات ٍ عراقيات ٍ
«5»
على جلودنا تزحف ُ سلحفاة النار
لهم..
جنائن النفط ..
عرب آيدل ...
الفضائيات المشفّرة...
سفاري...
المناطيدُ الملونة ...
الكواسرُ الملجومة...
صفو السماءِ الجديدة ِ..
أكواخُ سويسرا ...
نزهة ُ اللوفر ...
ترقيقُ أصوات الرجال ..
ولنا السعادة في الشهادة..