ادب وفن

المسيرة الطويلة / ليلي توماسيان / ترجمة: عبدالكريم كاصد

قيل: الجنود قادمون
قال أبي «لا تقلقوا»
«صلّوا» قال القس
قبلنا الصليب المقدس وباركَنا جميعاً
صلينا صامتين
أختي الصغيرة صرختْ
كانوا قادمين
خطواتهم في الشارع تهتز لها الجدران
انفتح الباب فجأة
هم في الداخل
سحبوا أبي إلى الخارج
قيدوا ذراعيه إلى الخلف
جمعوا كل رجال قريتنا الأشداء
وقيدوا أيديهم إلى الخلف
صاحوا: «ترحيل»
لم أعرف تلك الكلمة: «ترحيل»
قالوا أن نتقدم.
إلى الأمام .. دوماً إلى الأمام
تمكنتُ من إخفاء ملعقة فضية في جيبي
شرعنا في السير
الرجال يسيرون في المقدمة
النساء يحملن الأطفال
ولا أحد يتكلم
بدأ المسنّون يتخلّفون
حين ارتفعت الشمس رأيت صفا من الناس يمتد
على طول الطريق إلى السماء.
إلى الأمام.. دوماً إلى الأمام
شاب انفلت من الجمع وهرع صوب الحقل
رموه من الخلف. كان باستطاعتنا أن نبصر قميصه الأبيض
على الأرض اليابسة شبيها بشجيرة ورد.
أرى عجوزا ورفيقته جنباً إلى جنب تحت ظلال شجرة ..
رفضا النهوض ثانية فرماهما الجند
وخلف دغل
قاد الجند شابة وعادوا يضحكون.
صرختْ ولم تظهر ثانية.
الطفل يصرخ بين ذراعيها طالباً الحليب
أقدامنا نزفت
الطفل واصل الصراخ.
حين مررنا بالقرى كان بعض الناس يغلقون النوافذ
وآخرون يقذفوننا بالحجارة
لم يعد الطفل يصرخ بين ذراعي أمه وظلت تحمله
السماء حالكة من الدموع
الطريق صامتة من العار
الطريق لم تتوقف
السير لم ينقطع.
الرجل إلى جانبي يتعثر ويسقط
واحداً بعد الآخر ظلوا يتساقطون
توقفنا لندفن أمواتنا
كانوا عديدين
توقفنا عن البكاء على الموتى
كانوا عديدين
إلى الأمام.. إلى الأمام.