ادب وفن

سلاما مسيحيي البصرة / عبد الكريم كاصد

عكد النصارى

البيوتُ الجميلةُ تفتحُ أبوابَها في المساء
ممراتها..
والمرايا تلوّنها الشمس،
يا لهدوءِ المرايا..
الممرات،
يا لهدوءِ الشوارع
والناس
حين يمرّون
يا للكلابِ الأليفةِ
بيضاءَ
تسترقُ السمع
منصتةً للأحاديث
يا لهدوءِ النساءِ الجميلات
يصغُرنَ
حين يجئُ المساءْ
ويُشعلُ فيهنّ ذاك الحنينَ المفاجئ
يا للنساءْ !

مرثية ماري:

حين رأتني ماري
(بعد سنين)
بكتْ
وتذكرنا البصرةَ:
- أين البصرةُ ماري؟
- أنتَ بها.
- أين الحلوةُ ماري؟
شرفتُها المفتوحةُ في الليل..
على النهر؟
وقوفي عند الجسر؟
صريرُ العربات
تمرّ..
فتهتزّ الشرفةُ مائلةً؟
أيامُ الأحدِ البيضاء؟
رنينُ الأجراس؟
وذاك الموكب..
..................
كم تبدو شاحبةً ماري!
مرهقةً!
بمسيحٍ لم يأتِ..
وناسٍ رحلوا
أين تُرى رحلوا؟
في أيّ كنائسَ ينتظرون الآن؟
وهذا التابوتُ الفارغ
ماري
منْ جاء بهِ؟
منْ ألقاهُ هنا وانسلّ بلا أثرٍ؟
منْ يملؤهُ منّا نحن الاثنين؟
غداً
أو بعد غدٍ
ما أوحشَ هذي الظلمةَ في بيتك!
لا يطردُها حتى الضوء
وما أوحشني!
ماري

كنيسة وجامع

الكنيسة
على بعد ذراعين
تتطلعُ في الجامع
وتبتسم
حاملة صليبَها على الصدر
كعذراء
الجامعُ بسورهِ الأبيض الخفيض
ومنارتهِ العالية
يبتسم نصفَ ابتسامة
كالهلال
موكبهُ يتفرّقُ عند الجسر
وموكبها يتفرّقُ عند الجسر
في الشمس
أو في المطر
المنارةُ الآن
موشكة على السقوط
تترنح مائلة
والكنيسة
- آه الكنيسة -
متوجة بالشوك

أطلال

لمسيحيّي البصرة
(تذكرُ خولةَ؟
برقةَ ثهمدَ؟)
أطلالٌ:
أعلامٌ سوداء، شناشيلُ مخلعةٌ، شلاّلاتُ غبارٍ تنصبّ من الشرفات، مطارقُ حدّادين تدقّ (ألا تسمعُها؟)، أسلاكُ عناكبَ شائكةٌ، موكبُ جرذانٍ يتلبّثُ ثمّ يمرّ، مكاتبُ للطاقة مظلمةٌ، كتبيّون، "حواسم" جاءوا من زحلٍ، مقهىً بعوارضَ مائلةٍ، كرسيٌّ هزّازٌّ للجالس، (أين يمدّ ترى- ساقيهِ؟ أفي ساقيةٍ ؟)، ساقيةٌ تلتفّ كأفعىً، خضراءَ مبقعة،
أغصانٌ يابسةٌ
ورقٌ يتطايرُ أبيضَ، ورقٌ أسودُ، أجنحةٌ، ريشٌ،
أطلالٌ
لـ "سهيلةَ"،
لي،
لمسيحيّ البصرة،
أطلالٌ
(تذكرُ خولةَ؟
برقةَ ثهمد؟)...