ادب وفن

بطاقات قصيرة للعام الجديد (3) / مزهر بن مدلول

قبر زاهر
لأسباب لا يعرفها الاّ فرويد!، قررنا ان نتصدى لجيش عرمرم!، امّا المكان الذي تحول الى ساحة وغى، فقد حط عليه الدهر حتى جعله في اسفل دركاته!، ارضً مكشوفة للهوكَر هنتر ( الذبّانة ) وقنابل الهاون والكاتيوشا، ارض عارية من الاشجار والصخور وخالية من الملاذات وتضربها ريح هائلة السرعة على مدار عقارب الساعة!...
في تلك الاثناء، كنت ادخن (جكَاير لف) فلا وجود في تلك الفترة لغيرها هناك!، وكان عليّ ان اتدثر بالبطانية واضع اطرافها تحت مقعدي واقدامي لكي اتمكن من انجاز المهمة تاركا القذائف تهبط اينما تشاء!...
كنّا للاسف الشديد نجهل خارطة الغاز الحرب، ولا نمتلك الوسائل الكافية لمواجهتها!، صاروخ (ستريلا) واحد حاول ان يطلقه النصير (ابو دجلة) على الطائرة لكنه لم ينطلق!، فكانت علامات الهزيمة واضحة، ليس فقط على الوجوه بل في السلوك وطريقة التفكير، حتى انّ البعض منّا فسّر الاحداث بأنها نهاية للثورة التي ضيعنا اعمارنا من اجلها!، والبعض الاخر اعتبرها نهاية لرحلة عذاب طال امدها!...
كان موقع مراباتنا في المقدمة ولا يبعد عن قبر رجل اسمه ( زاهر ) سوى عدة امتار، هذا المدفون في تلك الاصقاع التي تعاقبت عليها الحقب والازمنة، لم اتعرف عليه لحد الان، فهل كان راعي غنم ام مهرب مخدرات!؟، أكانَ مقاتلا ام اماما ام شيخ عشيرة، ام انه عابر سبيل خطفه عزرائيل في مكان خطأ!؟، لكن المسحة الساخرة على ذلك المشهد القاتم، هو ان زاهر الذي كان مرميا في الجانب الخلفي من التاريخ، اصبح قبره عنوانا بارزا لمعركة شرسة استمرت لأكثر من خمسين يوما، اطلقنا عليها (معركة قبر زاهر ) !...