ادب وفن

بطاقات قصيرة للعام الجديد (7) / مزهر بن مدلول

الجندي الأسير!
بين الجبل والنهر تنام (زيوه)، بيوتها مموهة تحت الاشجار، واطرافها تحاذي نهر الزاب، هناك كان يسبح نوري صبر (ابو روزا ناصرية)، سألته: من اين تأتي الريح؟، فأشعل سيجارة ونفث دخانها في الهواء وقال: من هنا!........
قبل الغروب هبت العاصفة، قالوا انها جاءت من الحبشة!، فأشتعلت النيران في الصخور وصعد الحريق الى جوف الجندي الاسير!.
لم يكن وحده، العشرات من (الانصار) ظهروا في صورة انسانية مرعبة، فكان الاستنفار من الدرجة الاولى!، لكن لا حيلة لمقاومة الاسلحة الكيمياوية الاّ بالإرادة الصلبة والجسد الصحيح، وكان الجندي الاسير يتميز بمتانة بنيته وقوة جسده!.
في صباح اليوم الثاني، اختفى اخر بصيص نور، فكان مناخا سيكولوجيا عجيبا، لا يمكن وصفه الاّ انه يشبه ذلك المناخ الذي ساد (التاتينك) وهي تتمايل قبل ان تنقلب وتغوص في البحر!، كنّا (نترادم) !، وكان الظلام يلاحقنا والالام تعصر امعاءنا واليأس المرير يهاجم مخيلتنا من دون رحمة!.
في الليلة الثانية، كان اكثر من 150 اعمى ينتشرون في الجبل، وكان نصيبي ان انام الى جانب الجندي الاسير، كان المسكين لم يصدق أنه بين عشية وضحاها يصير اعمى، فراح يئن ويبكي حتى ايقظ الجميع بنحيبه ومناجاته لأمه!، يا يمه يا يمه......
جلست في مقعدي وسألته سؤالا ساذجا.. لماذا تبكي؟...
سكتَ في اول الامر، ويبدو، ادهشهُ الغباء الذي ينطوي عليه سؤالي!، ثم ردّ قائلا:
( آنه اذا راسي يوجعني اروح الى امي ابجي.. وهسه كيمياوي واعمى وتسألني ليش ابجي!!).