ادب وفن

مهرجان خريف كردستان للموسيقى والغناء فن غنيُّ ومتنوع يوحد جميع أجزاء كردستان/ داود أمين

في مدينة أربيل عاصمة الإقليم، وعلى مدى أربعة أيام متتالية، بدأت يوم 9 كانون الأول 2013، وإنتهت يوم 12 من الشهر نفسه، فعاليات( مهرجان خريف كردستان للموسيقى والغناء )، وهو المهرجان الأول، الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب، في إقليم كردستان.
في اليوم الأول من المهرجان، ووسط حشد كبير من الجمهور، غصت به كبرى قاعات وزارة الثقافة والشباب في الإقليم( قاعة بيشه وا )، قدم الأستاذ( أريان فرج )، مدير عام ديوان وزارة الثقافة والشباب، ومدير المهرجان، كلمة تفصيلية، أشار فيها للمهرجان، والفُرق التي ستساهم فيه، والفعاليات التي سيتضمنها، بعده كانت كلمة السيد محافظ أربيل، والذي ثمن مبادرة الوزارة، بإقامة هذا المهرجان متمنياً له النجاح، ثم كانت كلمة الدكتور كاوة محمود، وزير الثقافة والشباب في الإقليم، والتي أكد فيها، على مضمون كلمات زميليه السابقين، بعده بدأت الفعاليات الموسيقية والغنائية، بتقديم فرقة مدينة دهوك المكونة من 18 عازفاً، وثلاثة مطربين، ألحانها وأغانيها الجميلة، بلهجتها الكرمانجية، فالهبت حماس القاعة بالممتع والمنوع من الأغنيات. بعدها كان المسرح، يستقبل فرقة جاءت من كردستان الشرقية، من مدينة سِنّه الكردية الإيرانية، والمكونة من خمسة عازفين، بينهم عازفة، وأربعة مطربين، بينهم مطربتان، وكانت سعادة الجمهور وتفاعله، واضحين في التصفيق والإرتياح، الذي رافق تقديم فقرات الفرقة.
في اليوم الثاني من المهرجان، تواصلت الفعاليات الموسيقية والغنائية، الذي بدأته فرقة مثلت مدينة السليمانية، وكانت مكونة من 14 عازفاً وأربعة مطربين، بينهم مطربة، وقد قدم المطربون الأربعة أغانيهم الفردية، ثم توحدوا جميعاُ في أغنية جماعية، كان لها صداها الواضح لدى جمهور الحاضرين. بعدها كانت الفرصة لفناني مدينة آمد الكردية التركية، حيث قدم أربعة عازفين ومطرب مجموعة من الأغنيات، التي تركت أثراً واضحاً، في قاعة العرض الغاصة بالحاضرين.
اليوم الثالث من المهرجان، كان في رأيي أجمل أيامه وأغناها، ففي بدايته إعتلت المسرح فرقة فنية تمثل منطقة كرميان، وكانت مكونة من سبعة عازفين وأربعة مطربين، يتوسطهم المطرب المبدع قادر الياس، الذي قدم مقامات كردية، تسكن الروح قبل الأذن، كما لم يقصر زملاؤه الآخرون بالمبدع والعميق من الألحان والنغمات. بعدها قدمت فرقة فنية تمثل مدينة كركوك فقراتها، وكانت هذه الفرقة مكونة من 14 عازفاً وأربعة مطربين، وقد تركت المقامات الجميلة، التي تناوب على تقديمها المطربون الأربعة، أبلغ الأثر، والذي إنعكس في التجاوب الذي حضيت به الفرقة من جمهور الحاضرين. بعدها كان الدور لممثلي التركمان، حيث ساهم عشرة عازفين وأربعة مطربين، في تقديم فلكلور الشعب التركماني، وتراثه الموسيقي الأصيل، أفضل تقديم، وكان الزي التركماني للعازفين والمطربين، يُضفي مهابة وتميزاً، لما يُقدم من ألحان. ثم جاء دور الفرقة السريانية، التي إعتلت المسرح بأزيائها القومية المميزة، وبالطاقيات المزينة بالريش الملون الجميل، وقد قدم سبعة عازفين ومطرب ومطربة ألحانهم وأغانيهم القومية الأصيلة، فألهبوا حماس القاعة، وحركوا من فيها للتصفيق والتجاوب والإستحسان.
اليوم الرابع والأخير من أيام المهرجان، كان مكرساً لفرقتين، الأولى من مدينة أربيل، والثانية من مدينة قامشلي الكردية السورية، حيث قدمت فرقة أربيل المكونة من 21 عازفاً وأربعة مطربين، مجموعة من الأغاني الكردية الجميلة، تلتها فرقة القامشلي المكونة من عشرة فنانين بينهم مطربان ومطربة، والذين غنوا وجع وأحلام مدينتهم ووطنهم، فشاركتهم القاعة بالتعاطف والتصفيق والرقص.
في نهاية المهرجان، شكر الأستاذ فرهنك غفور، ممثلاً عن وزارة الثقافة والشباب في الإقليم، الفرق المشاركة وجمهور الحاضرين، متمنياً إستمرار مهرجانات فنية مماثلة في السنوات القادمة، ثم قام بتقديم هدايا خاصة لجميع ممثلي الفرق المشاركة في المهرجان. هذا وكانت العديد من الفضائيات ووسائل الإعلام الكردية والعربية، تغطي الفعاليات المُقدمة طوال أيام المهرجان، وتجري أيضاً اللقاءات الإعلامية مع الفنانين والمهتمين بالموسيقى. وقد توفرت لي فرصة لإجراء لقاء سريع، بالسيد أريان فرج، مدير عام ديوان وزارة الثقافة والشباب في الإقليم، مدير المهرجان، وقد سألته هل هذا المهرجان سنوي؟ وهل سبقته مهرجانات مماثلة؟ فأجاب إنه الأول، إذ لم يسبقه مهرجان ممائل للوزارة، ونأمل أن نجعله سنوياً، وكنا ننوي جعله مهرجاناً سياحياً ثقافياً، ولكننا لم نستطع، بسبب ظروف الإنتخابات في كردستان، كما نأمل في السنة القادمة أن نوسع المشاركة، وأن لا تقتصر دعوتنا، على فرقة واحدة فقط لتمثيل مدينة، كما حصل في هذا المهرجان، بل نفسح المجال لأكثر من فرقة من مدينة واحدة، لكي تكون الصورة أشمل عن واقع الموسيقى في كردستان.
قلت للسيد أريان فرج: كنت آمل أن اسمع محاضرات ودراسات ترافق المهرجان، عن الموسيقى الكردية وتأريخها واعلامها وأشهر المطربين، ولكني لم ألحظ ذلك؟ فأجاب السيد فرج قائلاً: أنت محق تماماً في ملاحظتك، وهذا نقص سنحاول تجاوزه في السنوات القادمة، وفي مهرجاناتنا اللاحقة.
قلت له لدي ملاحظة أخرى تتعلق بالمشاركين في المهرجان، فقد لاحظت نسبة كاسحة للشباب، فمن بين عشرات المساهمين خلال الأيام الأربعة، لم ألحظ سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من كبار السن، أين الرواد؟ أين المطربين الكرد الذين أغنوا الذاكرة الكردية، بأجمل الألحان، في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي؟ يبتسم السيد أريان فرج ويقول لا تنسى نحن وزارة ثقافة وشباب! وعلينا مسؤولية تجاه الشباب! ثم يتفق معي ويقول: سنحاول معالجة هذا الأمر في المستقبل، من خلال التفكير بإقامة مهرجان خاص للرواد، الحقيقة إننا لا يمكن أن نحقق كل شيء في مهرجان واحد وأول!.