مدارات

اسبانيا.. مبادرات لتوحيد القوى اليسارية والتقدمية / رشيد غويلب

ادت سياسة التقشف، وانتشار البطالة، وقمع الحركة الاحتجاجية الى تصاعد حظوظ قوى اليسار الاسباني في استطلاعات الرأي، التي تجري عشية انتخابات البرلمان الاوروبي في 25 ايار المقبل. وفقا لدراسة أجراها معهد "مترو سكوبي"، ونشرتها صحيفة "البايس" الاسبانية نهاية كانون الثاني الفائت، فان الحزبين الرئيسيين في إسبانيا سيتكبدان خسائر ثقيلة في الانتخابات المقبلة.
و ستنخفض نسبة المصوتين لحزب الشعب اليميني، الذي يتزعمه رئيس الوزراء ماريانو راخوي من 42 في المئة في انتخابات عام 2009 إلى 26 في المئة فقط، وستصبح نسبة المصوتين للحزب الاجتماعي الديمقراطي 38 بدلا من 48 في المئة حصل عليها في الانتخابات السابقة. وسيرفع اليسار المتحدة، الذي يلعب فيه الحزب الشيوعي الاسباني دورا مميزا، وهو عضو في حزب اليسار الاوروبي، واكبر تحالف يساري منظم في اسبانيا، سيرفع رصيده من 5 في المائة في الانتخابات السابقة إلى 14.5 في المائة. وفي الوقت نفسه تتوقع جميع استطلاعات الرأي تراجعا في نسبة مشاركة الناخبين، والتي يمكن أن تكون 40 في المائة فقط.
وبهدف إقناع أوسع الأوساط المترددة من الناخبين للتصويت لصالح اليسار، وخصوصا المصابين منهم بخيبة امل من القوى التقليدية، انطلقت عدة مبادرات في الأشهر الأخيرة، يحركها هدف مشترك، وهو توحيد قوى اليسار والتقدم في اسبانيا لخوض السباق الانتخابي بقائمة مشتركة.
وعلى هذا الطريق انطلقت قبل أسبوعين مبادرة تحت اسم (نستطيع)، يقودها "بابلو اغليسياس"، استاذ العلوم السياسية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد. وهو الآن احد وجوه اليسار الأكثر حضورا في وسائل الإعلام الإسبانية، بواسطة برنامجه التلفزيوني "حوارات"،الذي تبثه محطة تلفزيون محلية، ويمكن مشاهدته عبر الإنترنت في جميع أنحاء البلاد. ومن الشخصيات المشاركة في قيادة هذه المبادرة، علماء اجتماع اسبان، سبق لهم ان عملوا كمستشارين للرئيس الفنزويلي الراحل شافيز، ولرئيسة جمهورية الارجنتين، وتحظى هذه المبادرة بدعم قسم من اليسار المعادي للرأسمالية، ولكن هناك مخاوف من بعض أوساط اليسار الاسباني من أن تؤدي مثل هذه المبادرات الى تشتيت اصوات اليسار، بدلا من ان توحده، واعلنت المنسق العام لليسار المتحدة لارا كاي، عدم وجود عمل مشترك لحد الآن مع هذه المبادرة، ولم يصدر قرار بعد بهذا الشأن.
ولقد بذلت اليسار المتحدة جهودا مضنية للتعاون مع الحركات لاجتماعية، وعملت على تأسيس منتدى " المجموع"، الذي تساهم في العمل فيه 20 منظمة، والتي ستشارك كقوى مستقلة في انتخابات الاتحاد الاوروبي، في اطار مشروع توحيد اليسار. وفي الوقت نفسه بدأت اليسار المتحدة حملة انتخابية تحت شعار "في سبيل النضال من اجل ثورة ديمقراطية اجتماعية".
ومن صفوف اليسار المتحدة انحدرت ايضا "جبهة سيفيكو"، بقيادة السكرتير العام السابق للحزب الشيوعي الاسباني خوليو انغيتو، التي اصدرت عام 2012 نداء لتوحيد اليسار. ومع ذلك، في الانتخابات، فإنها لن تأخذ بشكل مستقل.
واصدرت قائمة "اسبانيا من اجل الجمهورية" نداء لتوحيد قوى اليسار جاء فيه "في انتخابات البرلمان الاوروبي لا يمكن القبول الا بقائمة يسارية موحدة، تناضل من اجل الحقوق الاجتماعية والجمهورية. واذا لم تتحقق هذه القائمة فسيسخرون منا، ويستمرون بتنفيذ رغبات صندوق النقد الدولي واللجنة الثلاثية".
ومن جانب آخر اطلق بعض النشطاء مبادرة "البديل من الأسفل"، وهم يسعون للاقتراب من حركة " الغاضبون" التي فجرت الحركة الاحتجاجية، والتي تنشط في الاحياء السكنية، وتفكر بدخول الانتخابات بقائمة مستقلة، على الرغم من ان الكثير من مطالبها يجدها المرء في برنامج اليسار المتحدة، والمعروف ان الحركة التي اسست في 15 أيار 2011، تؤكد دوما على رفضها للأطر الحزبية.