مدارات

فنزويلا.. فشل محاولة قلب النظام / رشيد غويلب

هدأت الأوضاع كثيراً في العاصمة الفنزويلية كراكاس ثانية، بعد أعمال الشغب، التي افتعلتها قوى اليمين المتطرف على هامش مظاهرة للمعارضة يوم الاربعاء الفائت، وهاجمت فيها بنايات حكومية، وباصات النقل العام، ومراكز صحية.
وساد الهدوء ايضاً مناطق البلاد الأخرى باستثناء ولاية تشيرا الواقعة على الحدود مع كولومبيا، حيث تجري قيادة اعمال الشغب من مليشيات قادمة من وراء الحدود. وفي كلمة للرئيس الفنزويلي مادورا بثتها وسائل الاعلام في جميع انحاء البلاد، اعلن الرئيس فشل محاولة قلب نظام الحكم، التي نظمها قسم من قوى اليمين المعارض: "ان فينزويلا ليست اوكرانيا".
وفند الرئيس في كلمته الانباء التي بثتها وكالات الانباء الامريكية والغربية، والتي بثت تقريرا مزورا حملت الحكومة مسؤولية مقتل احد الطلاب، الذي قتل برصاص ذات البندقية، التي أطلقت النار قبل ذلك على اثنين من النشطاء اليساريين، وادت الى استشهادهما. ويبدو أن القاتل لم يهتم بهوية ضحاياه السياسية، وانما أراد توظيف الموت لإشاعة الفوضى، وبالنهاية اتهام الحكومة. وما حدث يذكر باطلاق قناص النار على تظاهرات المعارضة، وتظاهرات انصار الحكومة، وسط العاصمة كراكاس، في الحادي عشر من نيسان 2002 ، وهو ما مهد لانقلاب جنرالات محافظين على الرئيس المنتخب الراحل هوغو شافيز.
ولكن الوضع اليوم في فنزويلا مختلف عما كان عليه في عام 2002، فليس هناك ما يؤشر استعداد الجيش للمشاركة في انقلاب على الحكومة، فضلا عن تضاؤل قدرة قادة المعارضة على تعبئة انصارهم. وعلى الرغم من النداءات التي اصدرها قادة المعارضة الخميس الفائت، بعدم مغادرة الشوارع حتى اسقاط الحكومة اليسارية، فان أعدادا ليست كبيرة لبت النداء في بعض مدن البلاد.
وشهدت العاصمة السبت الفائت تظاهرة شارك فيها عشرات الآلاف، نظمتها قوى اليسار تلبية لنداء رئيس الجمهورية، الذي دعا الى تنظيم تظاهرات جماهيرية، لدعم الثورة البوليفارية اسماها بـ"المد الاحمر" لمواجهة العنف ومن اجل السلام. وفي كلمته امام التظاهرة طالب الرئيس قادة المعارضة بالانفصال عن بعض "المجانين"، اللذين يعتمدون العنف، في صفوفهم، واشار بالتحديد الى انصار المعارض "الفاشي الجبان" ليوبولدو لوبيز، الذي تبحث عنه الشرطة، بعد صدور امر قضائي ضده، لدوره في اشتباكات يوم الاربعاء، ودعاه مادورا الى المثول امام القضاء. ?انتقد الرئيس الفنزويلي نفسه بالقول: "اشعر بالذنب لأني لم اسمح باعتقال هؤلاء الفاشست قبل ان يرتكبوا جرائمهم، ولكنني سأتطهر من هذا الذنب"، وتابع " لن يستطيع احد ان يخرجني من الطريق التي ابتدأها القائد الراحل شافيز، طريق الثورة البوليفارية. وسوف لن نحيد عن تحقيق الاشتراكية كمستقبل للسلام والحب والتضامن والمساواة بين الشعوب".
وفيما يتعلق بشبكة النقل التي تضررت بفعل اعمال العنف، اعلن الرئيس انها ستتوقف عن العمل حتى يتم اصلاحها، وتقع هذه الخطوط في الاحياء الشرقية من العاصمة، التي يدير مجالسها البلدية ساسة يمينيون، طالبهم الرئيس بالابتعاد نهائيا عن اعمال العنف. وفي الوقت نفسه نأى مادورا بنفسه عن مجاميع اليسار المتطرف: "اللذين يقفون مع الثورة لانهم يحملون البنادق". وان الدفاع المسلح عن الثورة هو مهمة القوات المسلحة حصرا، ووجه كلامه للآخرين: "يجب ان نكون جيش الحب، جيش نور الاشتراكية، وليس جيش العنف"، واكد مادورا "ان الذي يرتدي قمي?ا احمر ويحمل مسدسا ويهاجم فنزويليا آخر ليس منا". وان الرئيس سوف لا يقبل بمجاميع عنف في معسكر الثورة:"ضبط النفس، وضوح في الإستراتجية، ومركزية القرار في المؤسسات العسكرية – لا للفوضى ولا للفوضويين".
وشكر الرئيس التضامن الاممي، الذي تلقته حكومته من زعماء بلدان امريكا اللاتينية، اذ اعلن من بين آخرين، زعماء الاكوادور، الارجنتين، بوليفيا، ونيكاراغو، دعمهم لحكومة فنزويلا المنتخبة ديمقراطيا. وادان وزير الخارجية الكوبي العنف واصفا اياه بـ"محاولة انقلابية نظمتها المجاميع الفاشية".