مدارات

معترضا على الموازنة العامة.. اتحاد اليسار الفنلندي يغادر الحكومة! / يوسف أبو الفوز

في وقت متأخر ليلة الثلاثاء الماضي، وفي خطوة لم تكن مفاجئة، أعلن حزب اتحاد اليسار الفنلندي، وهو من الاحزاب الاساسية والفاعلة في فنلندا، تأسس عام 1990، عن مغادرته الحكومة الفنلندية، اثر عدم الموافقة على مقترحاته حول الميزانية العامة للأربع سنوات القادمة التي تمت مناقشتها يومي الاثنين والثلاثاء خلال اجتماع مجلس الوزراء الدوري ووافقت عليها بقية الاحزاب المشتركة في الحكومة التي تضم تسعة عشر وزيرا من ستة احزاب، والتي تدعو في المجمل لترشيق نفقات الدولة متعللة بالأزمة الاقتصادية العالمية وتواصل انخفاض الانتاج المحلي الإجمالي في العامين الأخيرين، وأعلن الحزب ان وزيريه سيقدمان الاستقالة الرسمية، في وقت لاحق حسب الاصول الرسمية، وسيعلن عن ذلك في مؤتمر صحفي خاص.وكان اتحاد اليسار وافق على دخول التحالف الحكومي، الذي قاده حزب الائتلاف الوطني (يمين تقليدي) الفائز في الانتخابات البرلمانية في نيسان 2011، لحصوله على 44 مقعدا مما أهله لتشكيل الحكومة، التي سماها الشارع الفنلندي (حكومة قوس قزح) لكونها ضمت ستة احزاب من اليسار واليمين. ووافق حزب اتحاد اليسار على دخول الحكومة، وفق برنامج توافقي وتنازلات عديدة متبادلة من الأطراف المشتركة بعد مفاوضات طويلة شهدت تقديم وعود من قبل حزب الائتلاف اليميني بعدم المساس باستحقاقات الضمان الاجتماعي وعدم رفع نسبة الضرائب والعمل على اجراءات للحد من البطالة، والتصدي لنشاطات احزاب اليمين المتطرف التي راحت تتاجر بشعارات متطرفة وأيضا بقضية الأجانب واللاجئين. ورغم انه في نتائج الانتخابات البرلمانية في 2011 كان لحزب اليسار 14 مقعدا من 200 مقعد، لكن الحزب نجح خلال المفاوضات باستقطاب حزب الخضر ليكون الى جانبه والذي له 10 مقاعد، ضمن مسعى إحياء تحالف "احمر ـ اخضر"، كما حظي بدعم جزئي من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الذي كان له 42 مقعدا والمحسوب ضمن معسكر قوى اليسار، مما جعل موقف اتحاد اليسار قويا خلال المفاوضات التي تميزت بطولها، على غير المعتاد في تأريخ تشكيل الحكومات الفنلندية. كان حزب الائتلاف الوطني الفنلندي ميالا للتحالف، مع جملة الاحزاب المذكورة، ومعها حزب الشعب السويدي (9 مقاعد ـ يسار) والحزب الديمقراطي المسيحي ( 6 مقاعد ــ يمين وسط )، لاجل قطع الطريق على حزب " الفنلنديين الحقيقيين" اليميني المتطرف الذي نجح في الحصول على 39 مقعدا، في سابقة خطيرة في تأريخ فنلندا رغم عمر الحزب القصير، حيث تأسس عام 1995. وأسباب خروج اتحاد اليسار من الحكومة تعود لموقفه الرافض لحزمة المقترحات، التي قدمها حزب الائتلاف الوطني اليميني، لإيمانه بكونها ستصعب الحياة على الفقراء من ذوي الدخل المنخفض، فهي تدعو لتجميد مؤشرات الخدمات الاساسية، وتآكل منافع الضمان الاجتماعي الأساسية، ومن ضمن ذلك مخصصات حماية الاسرة والطفولة، وترفع من نسبة الضرائب، التي سيتضرر منها تحديدا ذوو الدخول المحدودة، وسترفع من الفجوات في الدخل، وسترتفع أسعار الأدوية والمواد الغذائية والمحروقات، وأيضا حذر الحزب من مس منافع الطلبة والمتقاعدين واشار الى عدم فعالية الاجراءات المقترحة لمعالجة مشكلة التضخم. وكان رئيس حزب اتحاد اليسار بافو أرهينماكي (عمره 37 سنة) الذي يشغل في الحكومة وزارة الثقافة والرياضة، قد ابلغ رئيس الوزراء الفنلندي، وزعيم حزب الاتحاد الوطني الفنلندي يوركي كاتاينين (عمره 42 سنة) بشكل مسبق بموقف حزبه.