مدارات

العيد الثمانون للحزب الشيوعي.. عيد لكل العراقيين / قاسم السنجري

لم يكن الاحتفال بالعيد الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، مثل غيره من أعياد التأسيس السنوية التي احياها الشيوعيون العراقيون، بالرغم من أهمية المناسبة في قلوب الشيوعيين ووجدانهم. ذلك أن هذه الذكرى مختلفة في مضمونها وعبرها.
فالعيد الثمانون يشكل تحديا كبيرا ازاء من يراهن على أن الحزب الشيوعي العراقي غير قادر على الاستمرار والتواصل الجماهيريين. وقد جاءت احتفالات الذكرى، في بغداد خاصة يوم امس الاول السبت، بعكس ما كان يتوقعه البعض، حيث احتشد الشيوعيون واصدقاؤهم في الحفل الصباحي الذي أقيم على قاعة سينما سميراميس في شارع السعدون. فعدد الحضور فاق التوقعات، فازدحمت القاعة تماما، وملأ الحضور بهو الدار، فيما عاد آخرون ادراجهم بعد ان فقدوا الامل في الحصول على مقعد في قاعة الاحتفال.

أجيال متعاقبة وراية واحدة

ازدانت أكف الحاضرين بالرايات الحمراء إلى جانب العلم العراقي، واختلطت المشاعر بفيض من عاطفة قوية، استعادت العمق النضالي للحزب من مؤسسه الخالد فهد وقيادته الشهيدة، ومن المناضل سلام عادل إلى نضال الشيوعيين في الوقت الحالي ضد الطائفية والاثنية والمحاصصة المقيتة والفساد والارهاب.
فالشعارات التي رفعها الحاضرون ورددوها بصدق العارفين للطريق الواضح، كانت مبعث أمل في مستقبل مضيء مثل الشموع التي حملتها الصبية "المكَبعة" بزيها البغدادي، وهي تجسد نضال المرأة العراقية ومشاركتها الفاعلة في الحركة الوطنية. فحضور المرأة في احتفالية العيد الثمانين كان مميزا وفاعلاً، وليس لاضفاء طابع جمالي على الحفل.
كذلك كان التواصل بين أجيال الحزب واضحا في احتفال الذكرى الثمانين، من خلال تقليد المناضلين القدامى ميدالية العيد الثمانين، تقديرا لادوارهم النضالية في ديمومة الحزب وبنائه. وكانت رؤية شيخ مناضل من الجيل الثاني للحزب، وهو يعتلي منصة الاحتفال وقد رسمت سنوات العمر تفاصيلها على وجهه واحنت قامته، يعطي دافعا كبيرا لشباب الحزب للتمسك بنهج الحزب ورسالته، التي حملها هؤلاء الرفاق الشيوخ رغم كل الصعوبات والملاحقات في الأزمنة السابقة.

الاحتفال في وسط الجماهير

لم يكن الحزب الشيوعي العراقي حزب صالونات وقاعات مغلقة في يوم من الايام، فهو انطلق من وسط الجماهير ومثلهم في قضاياهم، وحمل همومهم ودافع عن حقوقهم في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية، منذ اللحظة الأولى لانطلاقته قبل ثمانين عاما. حيثما كانت الجماهير كان الحزب موجودا، وحيثما كان للحزب وجود كانت هناك قدرته على استقطاب الجماهير. وهاأنذا احتفال العيد الثمانين عصر امس الاول نفسه على حدائق أبي نؤاس، قد استقطب الآلاف من الجماهير البغدادية التي احيت العيد الثمانين كمناسبة وطنية. وكم من العوائل اصطحبت اطفالها وبناتها ?ابناءها، الذين غنوا سوية وصفقوا لحزب الجماهير.
نعم، الحزب الشيوعي ينشر الفرح كما ينشر الفكر، ويناضل من اجل رفاه العراقيين وفي سبيل سعادتهم في وطن ينعم بالحرية، ولكل افراد الشعب.
لقد كان الحضور هذا العام واسعا مميزا، ضم مواطنين من مختلف الشرائح، شيوعيين وغير شيوعيين محبين لهذا الحزب الكبير، الذي يرى كثيرون انه خير من يمثل العراقيين، وخير من يجسد سعيهم الى التخلص من كافة اشكال الظلم الاجتماعي والسياسي.