مدارات

تركيا .. دعم متواصل لإرهابيي "الدولة الاسلامية"

متابعة"طريق الشعب"
مع اشتداد المعارك في المناطق القريبة من الحدود التركية مع سوريا، واحتلال ارهابيي "الدولة الاسلامية" المزيد من قرى المنطقة، زاد عدد اللاجئين الاكراد، الذين عبروا الحدود الى داخل الاراضي التركية في الايام الاخيرة على 130 الفاً، وبقدر مجموع اللاجئين السوريين في تركيا بأكثر من 1.2 مليون. ويقول متابعون ان هذه التطورات كان ينبغي ان تؤدي الى مراجعة السياسة التركية وتغييرها. ولكن المهيمنين في تركيا مصرون على نهجهم، وهو امر لا يبدو غريبا، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار طبيعة حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم، واستمرار النجاحات الانتخابية التي يحققها
وتواجه السياسة التركية هذا الرفض والنقد ليس فقط من قبل شعوب المنطقة، التي يهددها ارهاب "الدولة الاسلامية"، بل حتى من حلفاء تركيا الغربيين، الذين يسعون لتشكيل تحالف واسع ضد عصابات "الدولة الاسلامية". وكانت الحكومة التركية ووسائل اعلامها تبرر ترددها في دعم الجهد الغربي لمواجهة الارهابيين، بوجود 49 دبلوماسياً وموظفاً تركياً في قبضتهم، وبزعم عدم رغبة تركيا في الاشتراك بحروب في الخارج، مستشهدة بالرفض التركي للمشاركة في حرب غزو العراق عام 2003 ، فضلا عن ان طول الحدود مع سوريا يبلغ 850 كم، ومع العراق 350 كم، وصعوبة السيطرة عليها.
لكن الرهائن الاتراك المذكورين اصبحوا الآن احرارا ويجري الاحتفال بهم رسميا، اضافة الى ان حياة 49 مواطناً لم تكن يوما عائقا امام دفاع الحكومات التركية المتعاقبة عن مصالحها. وما غزو تركيا لقبرص قبل سنوات طويلة، الا دليل على ذلك كما ان المخاطر المزعومة على الحدود التركية المشتركة مع سوريا والعراق ترتبط اساسا بعدم اعتراف تركيا بالحقوق المشروعة للشعب الكردي، واضطهادها له.
ويبدو ان حقيقة السياسة التركية يعكسها الوصف الذي قدمه الاكاديمي والصحفي "دافيد بارشارد"، الذي سبق ان عمل في تركيا، وركز على موضوعة العلاقات التركية- الاوربية:" ان الادارة السياسية التركية الحالية تنظر الى المجاميع السنية المتطرفة في سوريا والعراق، باعتبارها مجاميع غير ضارة نسبيا. فهي تعتبر المجاميع الناشطة في العراق حلفاء ضد حكومة المالكي الشيعية في العراق. اما المجموعات الموجودة في سوريا، فهم ناشطين لاسقاط حكومة بشار الاسد". وتتجاهل الحكومة التركية النشاط الارهابي لـ "الدولة الاسلامية"، وتدعي ان تدفق موجات اللاجئين الى الاراضي التركية يعود الى بقاء حكومة الأسد في السلطة، واكتفاء العالم بدور المتفرج، وان لا استقرار في سوريا والعراق ما دامت الحكومة السورية الحالية قائمة.
وحتى الساسة الغربيون يختلفون مع القراءة التركية الرسمية، وكما يقول سفير الاتحاد الأوروبي السابق في تركيا "مارك بيريني"، ان سياسة وزير الخارجية التركية السابق، ورئيس الوزراء الحالي احمد داود اوغلو كانت مبنية على دعم القوى الاسلامية بما في ذلك "الدولة الاسلامية" لاسقاط حكومة الاسد، مضيفاً" ان الحكومة التركية مسؤولة عن تنامي "الدولة الاسلامية"، وحدودها كانت مفتوحة لها خلال الاشهر الاخيرة".
وفي الايام الفائتة تناقلت وسائل الاعلام تقريراً مثيراً للانتباه، يفيد ان تركيا هي المشتري الاهم للنفط الذي تهربه"الدولة الاسلامية" من حقول النفط في مدينتي الرقة ودير الزور الخاضعتين لسيطرتها، ويجري نقل النفط المهرب عبر طرق خاصة في مناطق تسيطر عليها "جبهة النصرة" ليصل في النهاية الى البلدات الجنوبية في محافظة هاتاي التركية. ومن هناك ينقل النفط ويباع في السوق السوداء بسعر 1.25 ليرة تركية للبرميل. وهكذا تدعم تركيا ارهابيي "الدولة الاسلامية"، ليس فقط من خلال توفير ممر للنفط المهرب، وانما عبر علاج الجرحى، وتقديم الدعم اللوجستي، وتوفير الاسلحة، وقد كان هذا دوما السر المكشوف. واليوم تقوم تركيا ايضا بتمويل عصابات "الدولة الاسلامية" من خلال تمرير النفط المهرب عبر اراضيها وشرائه.