مدارات

اليونان .. حزب اليسار على أبواب انتصار تاريخي / رشيد غويلب

اعلن في اليونان الاربعاء الماضي حل البرلمان الحالي، وتحديد الخامس والعشرين من الشهر الجاري موعدا لاجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وبمناسبة الذهاب الى انتخابات جديدة، رأى الرئيس اليوناني كارولوس بابولياسن ان بلاده تقف امام اوقات "قلقة". وفي كلمته بمناسبة العام الجديد دعا رئيس الجمهورية إلى "توازن جديد" مع الدائنين الدوليين، الذين يترقبون الانتخابات وما سيسفر عنها بقلق شديد.
زعيم المعارضة اليونانية، وزعيم حزب اليسار اليوناني ينظر بتفاؤل الى المستقبل القريب، ففي اول ردة فعل له بعد فشل محاولات انتخاب رئيس جديد من قبل البرلمان المنحل، الاثنين الفائت، اكد الكسيس نسيبراس، ان الشعب والديمقراطية والوطن، كسبوا هذه المعركة. وبعد ساعات قلائل من فشل اليمين الحاكم في تمرير مرشحه الوحيد في جولة التصويت الثالثة والاخيرة، وبموجب هذا الفشل يفرض الدستور اليوناني النافذ، حل البرلمان والذهاب الى انتخابات برلمانية عامة مبكرة، نظم تسبراس، الذي يرجح فوزه في الانتخابات المقبلة، فعاليته الانتخابية الاولى.
وقد خيب تيبراس في كلمته آمال اليسار المتطرف، وكل الذين يتوقعون الغاء فوريا، وبلا مناقشة للمذكرة المفروضة على اليونان من قبل اللجنة الثلاثية المكونة من صندوق النقد الدولي، والمفوضية الاوربية، والبنك المركزي الاوربي، ولكن القائد اليساري البالغ من العمر 40 عاما، أكد ان الشعب سيعرف "الحقيقة" حول ما جرى خلف الكواليس، التي ادخلت اليونان في وضع مالي سيء جدا، ولتجاوز هذه الحالة، اعلن تيبراس عزمه على مكافحة الفساد والمحسوبية في البلاد.
وقال زعيم المعارضة انه واثق من قدرته على إبقاء البلد في منطقة اليورو، والاتحاد الأوروبي. مستشهدا بالاجراءات التي اتخذتها ايطاليا وفرنسا للدفاع عن نفسها ضد اجراءات التقشف، وابواق سياسة الادخار. وفي موقع اخر في كلمته اوضح تسيبراس انه يتحدث عن مفاوضات مع الدائنين، وليس الغاء الاتفاقات من جانب واحد، ولكنه شدد ، انه سيعمل مع البنك المركزي الاوربي والشركاء الاوربيين على توفير ضمانات لمدخرات اليونانيين في البنوك المحلية.
وحسب آخر استطلاعات للرأي، فان حزب اليسار يتقدم على حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الحاكم بثلاث نقاط. ولا يعتمد الامر على الخمسين مقعد الاضافية، من المجموع الكلي لمقاعد البرلمان البالغ300 مقعد، التي يحصل عليها تلقائيا الحزب الفائز بالانتخابات، حسب النظام الانتخابي النافذ في اليونان، لكي يتمكن حزب اليسار، في حال فوزه، من تشكيل الحكومة بمفرده، بل ستلعب الاحزاب التي لا تتمكن من الوصول الى العتبة الانتخابية 3 في المائة دورا محوريا ، فكلما كان مجموع نسب هذه الاحزاب كبير، سيحتاج حزب اليسار الى اصوات اقل ليحكم البلاد بمفرده. وتبلغ النسبة التي يتوقع ان يحصل عليها حزب اليسار حاليا 35 في المائة، وفي هذه الحالة يكفي ان يصبح مجموع ما تحصل علية الاحزاب التي تبقى خارج البرلمان 12 في المائة.
وعلى اساس ما تقدم يكتسب انشقاق الحزب الاجتماعي الديمقراطي (باسوك)، الذي اعلن الجمعة الفائت اهمية فائقة، فقد اعلن غورغيوس باباندريو، رئيس الوزراء ورئيس الحزب السابق تشكيل حزب جديد بزعامته اطلق عليه اسم "الحركة". وقبل الاعلان عن الانشقاق تقلص ما كان يسمى بحزب الشعب الى الحد الذي تمنحه فيه استطلاعات الرأي 5 في المائة فقط. والهبوط التنازلي الحاد، الذي يعيشه الحزب، ادى الى شرخ لا رجعة فيه، بين زعيم الحزب السابق غورغيوس باباندريو مع زعيم الحزب الحالي ايفانغيلوس فينيزيلوس. وغورغيوس باباندريو هو ابن اندرياس بابندريو، الذي اسس الحزب في عام 1974 ، وظل الحزب يقود الحكومة في اليونان لما مجموعه 20 سنة مع انقطاعات قليلية. ويمثل انشقاق (باسوك) حدثا هاما سيؤثر على مسار الانتخابات ونتائجها النهائية. وينقسم المتابعون في تقييمهم للحدث الى فريقين: الفريق الاول يرى في الانشقاق فرصة لتأكيد فوز حزب اليسار،لان اصوات (باسوك) على قلتها ستتوزع بين الحزب الام والحزب المنشق عنه، وبالتالي يصبح الحزبان خارج البرلمان، اما الفريق الثاني فيرى في الانشقاق مشكلة لحزب اليسار على اساس ان حزب بابندريو الجديد سيستعيد اوساطا من الناخبين انتقلوا في سنوات الازمة من التصويت لـ(لباسبوك) الى التصويت لصالح حزب اليسار. وستكشف الاسابيع الثلاثة المتبقية، حتى موعد اجراء الانتخابات المبكرة عن المسار النهائي لها.