مدارات

ماذا لو أمتد القتال الى مضيق باب المندب ومنابع النفط؟

وكالات
وصف سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة، عادل الجبير، حرب بلاده في اليمن بـ"حرب الضرورة"، في وقت تستمر فيه "عاصفة الحزم" في اليمن، وقال الجبير "لم يكن لدينا الخيار، حاولنا القيام بكل ما بوسعنا لتجنب ذلك. واليمنيون فعلوا كل ما يمكن فعله لتجنب ذلك. الإتفاقات وقعت وكل اتفاق تم بموافقة الحوثيين. ولأكون دقيقا عدد هذه الإتفاقات 67 لم يحترمها الحوثيون وواصلوا في السيطرة على مناطق عديدة في البلاد، ليتوجهوا بعدها نحو عدن حيث يتواجد الرئيس. كان يجب علينا التدخل".
وفيما أكد التحالف الإقليمي، أن الحملة العسكرية ضد الحوثيين ستستمر إلى أن "تنسحب المليشيات الحوثية وتسلم أسلحتها"، أعلن مسؤول سعودي أن الحرب البرية ستكون ضرورية في نهاية المطاف.
ماذا لو طالت الحرب؟
تزداد المخاوف من وصول شظايا الحرب اليمنية إلى باب المندب والمنابع النفطية السعودية. السؤال المرعب هنا، أية كوارث اقتصادية ستلحق باقتصاديات اليمن والخليج في حال اتساع دائرة الحرب إلى أبعد من حدود اليمن؟
مقارنة مع دول النفط والغاز كالسعودية والعراق وإيران وقطر فإن ثروة اليمن من مصادر الطاقة حسب المقاييس العالمية محدودة للغاية، إذ يقدر إنتاجه الحالي بنحو 130 ألف برميل يوميا فقط مقابل ما يزيد على 9.5 مليون برميل تنتجها السعودية كل يوم. غير أن اليمن يتمتع من خلال خليج عدن الذي يشرف على مدخل مضيق باب المندب بأحد أهم المواقع الجيوسياسية والحيوية للتجارة العالمية، فعبر هذا المضيق تمر الآلاف من ناقلات نفط الخليج وناقلات البضائع الأخرى بين آسيا وأوروبا وحوض المتوسط وشمال أمريكا. وتذهب التقديرات إلى أن 13في المئة من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين طن، تمر يوميا عبر المضيق باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم. ويمر عبر المضيق سنويا ما يزيد عن 21 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع. وعلى الصعيد الإقليمي يشكل المضيق شرياناً حيوياً للتجارة في الدول المطلة على البحر الأحمر بدءاً باليمن وانتهاء بمصر مرورا بجيبوتي وارتيريا والسودان والسعودية وإسرائيل والأردن.
ويشكل المضيق "هبة الحياة" بالنسبة لقناة السويس التي تدر على مصر ما يزيد على 5 مليارات دولار سنويا. على الصعيد الدولي يحتل المضيق المرتبة الثالثة عالميا من حيث الأهمية الإستراتيجية بعد مضيق هرمز ومضيق ملاقا.
سوق الطاقة أول المتأثرين
وأدى وصول نار الحرب إلى باب المندب الى فرض احتمالية رفع تكاليف النقل والتأمين وبالتالي الإضرار بالتجارة العالمية,
وفي ظل تفاقم الأوضاع الأمنية والعسكرية في اليمن خلال الأشهر الماضية إلى توجيه الأنظار بشكل متزايد نحو المخاطر المحدقة بالتجارة العالمية في حال حدوث مواجهات عسكرية تؤدي إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية من خلاله.
ومع انطلاق الضربات الجوية"عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية تزداد هذه المخاوف يوما بعد يوما، لاسيما وأن نيران الحرب اليمنية قد ترتد إلى السعودية نفسها، أولى ردود الأفعال على هذه المخاوف حدثت في سوق النفط الذي ارتفع سعر برميله بنسبة زادت على 5في المئة بعيد انطلاق الضربات المذكورة.
ويرى غالبية المحللين أن بقاء العمليات العسكرية في إطارها الحالي لن يجعل الأمور تسير بشكل دراماتيكي لأن المعروض في سوق النفط سيحافظ على مستواه على الأٌقل في المستوى القريب. غير أن إطالة أمد هذه العمليات ووصول شظاياها الى مضيق باب المندب وإلى منشآت النفط السعودية "سيحدث أثرا هائلا" في الأسواق العالمية حسب ماساكي سويماتسو مدير وحدة الطاقة في شركة "نيو ايدج" اليابان للوساطة المالية. الجدير بالذكر أن السعودية تعد أول منتج للنفط في دول أوبك وثاني أكبر منتج في العالم بعد روسيا.
اليمن أول الخاسرين
ومع استمرار الحرب اليمنية لا يحرم اليمن من عائداته النفطية فقط، بل ومن مشاريعه التنموية أيضا.
ويُجمع المحللون على أن استمرار الحرب بين الأطراف اليمنية من جهة ودخول قوى إقليمية وعالمية ساحتها من جهة أخرى يزيد من حدة مشكلة الفقر المزمن وغياب فرص التنمية في اليمن. كما سيحرمه من مزيد من عائداته النفطية التي تراجعت من 2.7 مليار دولار في عام 2013 إلى 1.7 مليار دولار في عام 2014 بسبب التراجع المستمر في الإنتاج والتصدير. ويقدر الخبراء أن البلاد تخسر سنويا بحدود 5 مليارات دولار من عائدات تصدير النفط وتجارة سلع أخرى نتيجة المواجهات العسكرية. وتهدد هذه المواجهات السير الطبيعي للدورة الاقتصادية في مختلف المناطق اليمنية. كما تعطل المشاريع الهادفة لاستعادة الأهمية الاقتصادية لمنطقة عدن ومحيطها كمركز إقليمي لتزويد السفن المتجهة إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب بالتموين والوقود. ويزيد من أهمية المنطقة التي يطلق عليها "العاصمة الاقتصادية لليمن" وجود مصفاة للنفط وميناء لتموين السفن بالوقود إضافة إلى المنطقة الحرة عدن التي تمتلك مقومات تقديم خدمات التموين والترانزيت للسفن ووسائط النقل الأخرى.
امتداد نيران الحرب إلى الخليج
أما بالنسبة لدول الخليج التي تقوم اقتصادياتها بشكل رئيسي وبنسب تتراوح بين 60 إلى 95في المئة على عائدات النفط فإن دخولها الطويل الأمد في ميدان الحرب اليمنية لن يجعلها في منأى عن شظاياها رغم أن عددا من المحليين لا يرجحون ذلك. وفي حال حصل ووصلت الشظايا إلى مضيق باب المندب وإلى هذه الدول، فإن أسعار النفط ستواصل الارتفاع بسبب المخاوف من تراجع إنتاجه وتعثر نقله إلى الأسواق العالمية. وسيكون أكثر السيناريوهات سوءا في حال تعرض حقول ومنشآت نفطية سعودية هامة لهجمات عسكرية، ففي حالة كهذه ستلحق أضرار فادحة باقتصاديات السعودية ودول الخليج الأخرى بسبب ارتفاع تكاليف العمليات العسكرية والتأمين والنقل وعزوف المستثمرين والسياح وشركات الخدمات الدولية عن منطقة الخليج. وإذا كان اليمن الفقير يخسر 5 مليارات سنويا نتيجة عدم استقرار الوضع الأمني فيه، فلنا أن نتصور حجم الخسائر التي يمكن أن تصيب أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز في العالم في حالة زعزعة الاستقرار الأمني فيها.
اليوم الخامس من الغارات
ميدانياً، قال سكان إن طائرات حربية قصفت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الليل وبعد الفجر امس الاثنين، في خامس يوم من عاصفة الحزم.
وقال أحد السكان إن "الهجمات تركزت فيما يبدو بشكل أساسي حول القصر الرئاسي المجاور للحي الدبلوماسي في العاصمة"، وقال دبلوماسي يمني "كانت ليلة من الجحيم، وقال السكان إن "الضربات كانت تستهدف فيما يبدو مخازن أسلحة قرب جبل نقم الذي يشرف على المدينة".
وقالت وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إن "الضربات الجوية أسفرت عن مقتل 35 شخصا وإصابة 88 آخرين خلال الليل يومي السبت والأحد. ولم يتسن تأكيد الأرقام من مصدر مستقل".
ولم يتسن الحصول على معلومات بشكل مستقل عن مصدر الاشتباكات لكن متصلين بتلفزيون عدن قالوا إنها نتيجة هجوم جديد للحوثيين والمقاتلين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح من الشمال باتجاه منطقة الشيخ عثمان السكنية على مشارف عدن.
ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو مصابين. وقالت بعض المحطات الفضائية التلفزيونية العربية إن الحوثيين على بعد حوالي 30 كيلومترا إلى الشمال من عدن.
ونشرت صحيفة عدن الغد صورا لعدد من الدبابات والعربات المدرعة المحترقة وعربات عسكرية أخرى قالت إنها دمرت خلال القتال في الأيام الماضية.
توترات داخل السعودية
وقال متحدث باسم الشرطة السعودية إن شرطيين أصيبا جراء اطلاق النار عليهما خلال قيامهما بدورية في الرياض، مضيفاً أنه اطلقت النار عليهما من قبل سيارة مجهولة.
وتتعرض الشرطة السعودية من حين لآخر الى اعتداءات من قبل المعارضين الذين يقطنون في المنطقة الشرقية الشيعة في البلاد، إلا أنه من النادر جداً الاعتداء على عناصر من الشرطة في العاصمة السعودية.
الحوثيون يقصفون منازل في الضالع
وقصفت قوات موالية للحوثيين، مدينة الضالع بشكل عشوائي، طال عددا من المنازل، ما أدى الى مقتل 5 مدنيين، في وقت تستمر فيه الاشتباكات بين اللجان الشعبية والحوثيين في مدخل مدينة عدن.
وأفاد سكان محليون أن "المدينة تتعرض لضربات مدفعية من قبل اللواء 33 مدرع الموالي للحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما أدى إلى تدمير عدد من المنازل وسقوط خمسة مدنيين، من بينهم طفلين".
وسمع دوي انفجارات واشتباكات عنيفة فجر امس الاثنين، بين اللجان الشعبية والحوثيين في محيط مقر الإدارة المحلية في حي دار سعد في المدخل الشمالي لمدينة عدن.
وقالت مصادر محلية إن مسلحي اللجان شنوا هجوما على المقر حيث تتمركز قوات تابعة لجماعة الحوثيين، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأضافت المصادر أن تعزيزات حوثية قادمة من مدينة تعز وصلت إلى عدن مدعومة بمدرعات ودبابات.
وكان مصدر رئاسي قد ذكر لـ"سكاي نيوز"، أن "قوات عسكرية كبيرة موالية للحوثيين والرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح تحركت من زنجبار في محافظة أبين، باتجاه عدن، في محاولة للسيطرة عليها".