- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 01 حزيران/يونيو 2015 19:50
رشيد غويلب
قبل ايام قليلة من انعقاد قمة مجموعة السبعة، عرض السكرتير العام لمنظمة التنمية والتعاون الإقتصادي انغيل غوريا، التي تضم 134 دولة من مختلف قارات العالم، وتلعب الدول الصناعية المتقدمة دورا محوريا فيها، عرض احدث دراسة اجتماعية للمنظمة اكدت تعمق عدم المساواة فيما يخص الدخل وتوزيع الثروة، وقال غوريا " "لقد وصلنا إلى نقطة تحول.
لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنظمة، فلم تكن نسبة التفاوت كبيرة جدا كما هي اليوم ". وتقف في مقدمة هذه البلدان الولايات المتحدة الأمريكية والمانيا الإتحادية.
ويشير التقرير المعنون بـ "التفاوت الأقل ينفع الجميع": ان 10 في المائة من سكان البلدان الأعضاء في المنظمة يحوزون كمعدل على 50 في المائة من صافي ثروة العوائل فيها. واشار استطلاع ميداني اجرته للمنظمة في 18 بلدا من البلدان الأعضاء فيها في عام 2012 الى ان الـ 40 في المائة الأفقر من السكان يحوزون على 3 في المائة فقط من مجموع الثروة فيها.
عقبة اقتصادية
ان تصاعد التفاوت في الدخل والثروة لا يمثل مشلكة اخلاقية وسياسية فقط، فعندما يحوز 40 في المائة الأفقر من السكان على 3 في المائة من الثروة فقط، فان ذلك "ينهك النسيج الاجتماعي" كما تشير الدراسة. وينخفض عدد ابناء العوائل الفقيرة، الذين يحصلون على التعليم الجامعي، وكذلك تصبح مدة دورات التأهيل المهني المتاحة لهم اقل مقارنة بنظرائهم من ابناء الأغنياء. وبهذا تصبح مهمة الفقراء صعبة في تطوير امكاناتهم، والإنتقال الى موقع اجتماعي افضل. فعدم حصولهم على تأهيل مكتمل يضعف من قدرتهم في المنافسة على فرص العمل.
ووفقا للدراسة فان تأتير تصاعد عدم المساواة كان واضحا على النمو الاقتصادي " فقد ادى تزايد عدم المساواة منذ عام 1985 الى انخفاض النمو الاقتصادي في سنوات 1990 - 2010 بنسبة 4.7 قي المائة في 19 بلدا من اعضاء المنظمة".
ولا يشير تقرير المنظمة الى عوامل هامة لتعميق الفجوة في توزيع الدخل والثروة ، مثل: ان تعمق عدم المساواة يؤثر سلبا على مجموع الطلب في السوق للبلد المعين. فلو كان توزيع الدخل يجري بشكل عادل، لكان الطلب في السوق الداخلي رافعة للنمو الإقتصادي، تعمل على تقويته لصالح اوساط اجتماعية واسعة. وان الركود الأقتصادي في اغلب الدول الصناعية هو تعبير عن هذه المشكلة.
ضرورة اعادة التوزيع من الأعلى الى الأسفل
ولا تكتفي المنظمة بتوصيف الوضع الراهن، فهي تطالب حكومات البلدان الصناعية المتقدمة بمراجعة سياسة التوزيع. وهناك ضرورة لتغيير السياسة الحالية، فليس من المعقول الموافقة او المساهمة في تمكين الأثرياء والشركات من دفع ضرائب اقل، وفي هذا السياق تؤكد الدراسة " ان على السياسة ضمان قيام الأثرياء والشركات فوق القومية بتحمل نصيبها من العبء الضريبي". وهو مطلب يمكن تلبيته من بلدان مجموعة السبعة من خلال التنسيق بين انظمتها الضريبية، والرفع المشترك للحد الأعلى من الضرائب، وإغلاق الثغرات والملاذات الضريبية، ومكافحة الجريمة الضريبية.
وبطبيعة الحال لا نتوقع ذلك من ممثلي الليبرالية الجديدة وسياسة التقشف، الذين سيحضرون قمة السبعة، بل انهم سيتمسكون بسياستهم الحالية، تلك السياسة التي تعمل على توقيع معاهدات التجارة الحرة، وهي معاهدات ستوفر ارضا صالحة للشركات فوق القومية من خلال تغيير معايير العمل وحماية المستهلك لصالح الأخيرة.
وتذهب دراسة منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي الى ابعد من المطالبة بتعزيز النظام الضريبي، حيث تقول في تصريحها الصحفي: "يتعين على الحكومات القيام بمجموعة واسعة من التدابير للحد من عدم المساواة. ويلعب هنا اعادة التوزيع من خلال النظام الضريبي الاجتماعي دوراً هاماً، ولكنه بمفرده لا يمكن ان يكون فاعلا ومستداما". ولهذا تدعو الدراسة في ذات الوقت الى "تعزيز فرص متساوية في سوق العمل، وتوفير فرص عمل ذو جودة عالية، والإستثمار في قطاعي التعليم وتطوير الكفاءات".