مدارات

صفعة قوية لاردوغان..وتركيا تفلت من فخ الدكتاتورية

رشيد غويلب
جاءت النتائج غير النهائية للإنتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا امس الاول الأحد لتجعل من الصعب على رئيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان تمرير مشروعه القاضي بتعديل الدستور التركي النافذ وفق مقاساته، واعلان نفسه سلطانا جديدا لتركيا. فقد خسر حزبه الإكثرية المطلقة التي كان يتمتع بها وحصل بعد فرز جميع أصوات الناخبين تقريبا، وحتى ساعة اعداد هذا التقرير، على 41 في المائة من الاصوات يقابلها 259 مقعد ، فيما كانت نتائج الحزب في انتخابات 2011 على التوالي 49.8 في المائة قابلها 327 مقعداً، اي ان لحزب اردوغان خسر 68 مقعداً.
وحصل حزب "الشعب الجمهوري" المعارض على 25.2 في المائة، مقابل 131 مقعد، واستطاع حزب الشعوب الديمقراطي، وهو حزب يضم مجموعات يسارية وتشكل جماهير الحركة التحررية الكردية قوامه الاساسي ان يحصل على 13 في المائة، يقابلها 80 مقعداً. وبهذا تخطي الحزب حاجز العتبة الإنتخابية (10 في المائة) ودخل البرلمان التركي لإول مرة بكتلة برلمانية ، وهو تطور مهم في الحياة السياسية والبرلمانية في تركيا، لان هذا الفوز جاء في المقام الأول على حساب حزب العدالة والتنمية. بينما حصل حزب الحركة القومية اليميني المتطرف على 16.9 في المائة، يقابلها 84 مقعد. واعتبراردوغان ان الإقبال الجيد للناخبيين على المشاركة في التصويت مؤشراً لانتصار اكيد كان يؤمن به، ولكن مسار الإنتخابات ونتائجها اطاح باحلامه وخيب آماله. فلم يحصل على 367 من مجموع مقاعد البرلمان التركي البالغة 550 ، ليمرر التعديل الدستوري القاضي بتحويل النظام السياسي في تركيا من برلماني الى رئاسي هو ويتربع على عرشه، ولا حتى على 330 معقداً كانست تتيح له على الأقل طرح المشروع للإستفتاء العام. ولتفادي انعكاسات خسارة الحزب الحاكم للأكثرية المطلقة التي امتلكها منذ 13 عاما عبر سلسلة من انتصارات انتخابية متتالية، بدأ ممثلوه يتحدثون عن امكانية تشكيل حكومة اقلية، والذهاب بعد ذلك الى انتخابات مبكرة. ورافقت الحملة الإنتخابية اعمال عنف مختلفة. ففي ديار بكر عاصمة كردستان تركيا قام "مجهولون" بتفجير احدى فعاليات "حزب الشعوب الديمقراطي"، وادى الإنفجار الى قتل ثلاثة مشاركين على الأقل وجرح 220 آخرين. وكان الحزب خلال الحملة الإنتخابية هدفا لهجمات واعتداءات عدة.
وقالت وزراة الداخلية التركية ان 400 الف من منتسبي الاجهزة الأمنية ساهموا في حماية عملية الإقتراع التي شارك فيها 56.6 مليون ناخب منهم 2.9 ناخب خارج البلاد. وتأتي خسارة اردوغان وحزبه على خلفية سعيه لإحكام قبضته على البلاد، وتقليص الحريات الفردية والعامة، وفرض نموذجه الإسلامي "المعتدل"، وبعد دخوله على هذا الطريق في معارك تعددت جبهاتها مثل معركته لتحجيم دور العسكر التقليدي في جمهورية اتاتورك بالإعتماد على انصار الداعية الإسلامي المحافظ المقيم في الولايات التحدة فتح الله كول، ومن ثم الدخول معه في صراع على السلطة، عندما اصبح نفوذ انصاره يهدد سلطة اردوغان ذاته. فضلا عن اعتماد سياسة مبنية على العنف المطلق تجاه الحركة الإحتجاجية الواسعة، التي ارتبط اسمها بحدائق متنزه غيزي في اسطنبول. وتماديه في تنظيم حملات المطاردة والإعتقال لناشطي الحركة النقابية وقوى اليسار والحركة التحررية الكردية. واخيرا حملته للتضيق على حرية الصحافة والرأي وملاحقة واعتقال الصحفيين بما في ذلك العاملون في المؤسسات الإعلامية التقليدية. وجاء هذا كله ايضاً مع انتهاء فورة النمو الإقتصادي ودخول الإقتصاد التركي مرحلة التراجع، و تأثيرالتطورات الإقليمية مثل فشل مشروع الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وكذلك تورط الحكومة التركية في دعم المنظمات الإرهابية في كل من سوريا والعراق.