مدارات

في حوار حول البدائل المستقبلية : "الاشتراكية الجديدة يجب ان تكون مختلفة" / رشيد غويلب

أجرت النسخة الالكترونية من جريدة "دي تسايت" (الوقت) الألمانية الليبرالية واسعة الانتشار حوارا مع سارة فاكنكنشت نائبة رئيس حزب اليسار الألماني، ونائبة رئيس كتلته البرلمانية، والتي تعد من ابرز الوجوه القيادية في الحزب، تناولت فيه موقفها من الرأسمالية، الاشتراكية المبدعة التي تناضل من اجلها. وفي ما يلي أهم الموضوعات التي تضمنها الحوار:
في البداية أكدت فاكنكنشت ان الرأسمالية لا تمثل نهاية التاريخ وهذا ما يحفزها على الاستمرار في النضال ضدها. وان الأزمة الحالية التي تعاني منها أوروبا أضعفت بشكل هائل دولة الرفاه الاجتماعي، وحتى في ألمانيا لم يعد الناس يتوقعون أن أبناءهم وأحفادهم سيعيشون بشكل أفضل. وهذه دلالة على فشل النظام الاقتصادي الحالي. أما استمراره فيعود إلى ان الكثيرين لا يرون بديلا له. ولكن هذا الوضع بدأ يتغير، وان كان بوتيرة بطيئة. ولو كان حوارنا يجري في التسعينيات لقالت الأغلبية ان المستقبل للرأسمالية، أما اليوم فان نقد الرأسمالية لم يعد موقفا معزولا.
ان انهيار التجربة الاشتراكية السابقة، لا يدلل مطلقا على ان الرأسمالية هي الحل، ويدلل فقط على ان الاشتراكية يجب أن تكون شيئا مختلفا عن النظام السابق الذي أقيم في بلدان أوروبا الشرقية. في التجربة السابقة انطلقوا من الإلغاء الكلي لآليات السوق، وإحلال التخطيط المركزي محلها. وتم استبدال الديمقراطية البرلمانية بنظام دولة مقيدة للغاية، مما أدى إلى فشل هذه المفاهيم. والأسواق ليست هي المشكلة، إنما نظام الملكية الخاص للشركات الكبيرة، والسلطة المجتمعية، التي تتيح مصادرة نتاج عمل العمال، بدون بذل أي جهد يذكر. وهنا يجب حصر دور الأسواق في المجالات التي يمكن ان تؤدي وظيفتها فيها. ويمكن للسوق ان يؤدي وظيفته في جميع المجالات التي تتوفر بها منافسة حقيقية، والتي يجني المرء منها فائدة من الفكرة الأفضل، والنوعية الأحسن. وعندما تتنافس في السوق عدة شركات، فيجب ان تحاول كل واحدة منها تقديم الأفضل والأكثر إنتاجية عندها سيخلق ذلك قوة دافعة للابتكار التكنولوجي. والتنافس كذلك مهم في مجال تجارة البضائع الاستهلاكية، لإنتاج ما يرغب الناس في شرائه. ومن الطبيعي ان يضمن للسوق تأدية وظيفته، ولكن عندما يوجد في سوق المواد الغذائية الألماني خمس شركات تسيطر على السوق وتملي على الموردين والزبائن الأسعار، فلا يمكن الحديث عن ايجابية السوق. والأسواق تؤدي وظيفتها حيث لا توجد شركات محتكرة وكبيرة جدا.
ان الأسواق مفيدة في العديد من المجالات، ولكن المهم ان نستوعب كيف تعمل آلياتها. والمثل السلبي لذلك هي أسواق اقتصاد الطاقة. لقد كانت فكرة مجنونة، تنظيم تغيير مصادر الطاقة بشكل يتوافق مع السوق، والواقع يؤشر ضرورة إعادة تشكيلها على وجه السرعة، لكي نتمكن من إيقاف المضاربة بواردات الأسر وميزانيتها. وكذلك الحال في قطاع الصحة، حيث يجري خصخصة المستشفيات ويتوقع في نهاية المطاف ان تحقق ربحا قدره 20 في المئة. وهذه فكرة سخيفة، وتتقاطع مع أي ادعاء إنساني. ان المرضى ليسوا زبائن، يستطيع المرء ان يصنفهم على أساس المبالغ التي بحوزتهم، وهل سيجلب علاجهم أرباحا للمستشفيات؟ ونفس الشيء يسري على التلاميذ، لذا فان خصخصة قطاع التعليم خطأ في المكان، ويحدونا الأمل بقلة من يأملون اليوم بالأثر الايجابي للأسواق المالية.
وفي نهاية الحوار عرضت سارة فاكنكنشت رؤيتها للاشتراكية المبدعة التي تناضل من اجلها. ان فكرة الاشتراكية المبدعة تقوم على دعم الابداع، فكل من يطرح فكرة جيدة، ويحاول ان يؤسس شركة جديدة يجب دعمه. ومن يحتاج المساعدة يجب ان يضمن له مستوى معيشي يليق بكرامة الانسان. ولا ينبغي ان تتوفر لأحد امكانية العيش من عمل الآخرين، لكونه يملك والدين ثريين وضعا له ثروة هائلة في مهده.