مدارات

الهند : 150 مليوناً شاركوا في الإضراب العام

رشيد غويلب
شهدت الهند في الثاني من ايلول الجاري اكبر اضراب عام في السنوات الأخيرة. واتسم الإضراب بطابع سياسي واضح، وجاء بالضد من "الإصلاح الإقتصادي" لحكومة اليمين القومي بزعامة رئيس الوزراء مودي.
وقد عملت وسائل الإعلام التقليدية في الغرب على تجاهل الإضراب، وتناوله بشكل عابر. وكانت 10 منظمات نقابية قد دعت الى الإضراب عن العمل لمدة 24 ساعة. و في معظم ولايات الهند الـ 27 ادى الإضراب العام في الهند منذ وصول حكومة مودي إلى السلطة في ايار من العام الماضي الى شل الحياة العامة والعديد من المؤسسات التجارية. وفي كثير من الأماكن توقفت وسائل النقل العام تقريبا عن العمل. وشهدت محطات القطار في العاصمة نيودلهي، ومراكز المحافظات زحاما شديد، وحتى باصات نقل التلاميذ بقيت في مآربها، واغلقت العديد من البنوك والمدارس والجامعات ابوابها، وشمل الإضراب عمال المناجم، وشركات تكنلوجيا المعلومات، وشركات التجهيز. ووصف قادة نقابيون بارزون الإضراب بالـ"رائع"، واكدوا مشاركة 150 مليون مواطن فيه من اصل مجموع سكان الهند البالغ 1,3 مليار نسمة، اي 10 في المائة من مجموع السكان تقريبا.
وتشير التقارير الاعلامية، الى ان الإضراب والتظاهرات والتجمعات الداعمة له جرى بسلمية على العموم، اذا ما استثنينا مواقع قليلة مثل ميناء كلكتا، حيث حدثت مواجهات بعد استخدام الشرطة للغازات المسيلة للدموع والإطلاقات البلاستيكية ضد المضربين، في محاولة لانهاء اعتصام كبير شاركت فيه العشرات من النساء ، وقد رد بعض المضربين على الشرطة مستخدمين الحجارة ، وقناني المياه.
وشهدت المعاقل التقليدية لليسار اوسع مشاركة في الإضراب وفي النشاطات الإحتجاجية الأخرى، كما هو الحال في ولاية تيربورا الواقعة في شرق البلاد، والتي تحكمها، منذ عام 1993، مع بعض الإنقطاعات، جبهة اليسار، التي يشكل الحزب الشيوعي الهندي، والحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) قوتها الأساسية. وقد حصلت الجبهة في انتخابات 2013 على 49 من اصوات الناخبيين في الولاية.وكذلك في ولاية البنغال الغربية الواقعة في شرق الهند، وولاية كيرالا الواقعة في الجنوب، واللتين كانتا حتى 2011 محكومتين من قبل حكومات شيوعية، شلت الحياة العامة وال?رافق الإقتصادية اثناء الإضراب.
مقاومة واسعة لـ"اصلاحات" الليبرالية الجديدة
السبب الرئيس للإضراب هو "اصلاحات"سوق العمل، التي تنوي حكومة مودي تمريرها تماشيا مع نهجها الليبرالي الجديد المتطرف. والتي ستشمل ضمن امور اخرى ، الغاء المواد القانونية التي تمنع الشركات من التسريح الكيفي للعاملين، ومن اغلاق المصانع، وكذلك تسهيل العمل بنظام الساعات الإضافية، ورفع القيود عن تحديد ساعات العمل، والغاء شرط العودة للنقابات عند تحديد ساعات العمل او تسريح العمال. وتبغي حكومة مودي عبر هذا "ألإصلاح" تقديم خدمات للرأسمال المحلي الكبير، وللرأسمال الأجني لكي يزيد من استثماراته داخل الهند.
وكانت النقابات قد اتفقت قبل اعلان الإضراب على احد عشر مطلبا نقابيا، بينها التراجع عن اجراءات "اصلاح" سوق العمل، رفع الحد الأدنى للإجور الذي يترواح الآن مابين 400 و900 روبية، الى 1500 روبية (200 يورو)، كذلك المساواة في الحقوق بين العمال الذين يعملون بعقود عمل دائمة وزملائهم العاملين بعقود عمل مؤقتة، ايقاف عمليات الخصخصة وبيع مؤسسات السكك الحديد، وشركات التأمين، وشركات القطاع العام الأخرى الى رؤوس الأموال الأجنية، وتنفيذ اجراءات ضد المضاربات المالية بالتأمين الاجتماعي الشامل ومعاشات التقاعد لجميع العاملين بأجر.
وقد وقعت على هذه الوثيقة 11 نقابة، انسحبت واحدة منها لإرتباطها بالحزب الحاكم، بعد اللقاء بوزير المالية، بحجة انه وعد بتنفيذ بعض المطالب. في حين لم تجد النقابات العشر الباقية، ان اللقاء قد غير من الواقع شيئاً.