مدارات

البرتغال .. قوى اليسار تحقق نتائج لافتة

رشيد غويلب
خسر تحالف "تقدم البرتغال" اليمني الحاكم في البرتغال اغلبيته البرلمانية بعد حصوله على 36,85 في المائة من اصوات الناخبين، في الانتخابات العامة التي جرت في البلاد يوم الأحد الفائت. حيث فقد بذلك 14 في المائة مقارنة بانتخابات عام 2011، مع انه احتفظ بموقع صدارة القوى التي شاركت في السباق الانتخابي.
وحل الحزب الإشتراكي المعارض (وسط) ثانيا بعد حصوله على 32,38 في المائة من الاصوات. وجاء حزب "كتلة اليسار"، الذي يعد الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات ثالثا، فيما حل التحالف الديمقراطي المتحد، الذي يمثل الحزب الشيوعي البرتغالي قوته الرئيسة، ويضم الى جانبه حزب الخضر، رابعا بحصوله على 8,25 محققا بذلك تقدما نسبيا منحه مقعداً اضافيا في البرلمان الجديد.
ولم يحقق الحزب الإشتراكي المعارض هدفه في العودة الى حكم البلاد ثانية، حيث لم يقنع المزيد من الناخبين ببرنامجه الداعي الى انهاء التقشف، وايقاف عملية هدم المكتسبات الاجتماعية، مع تنفيذ كل الالتزامات تجاه الإتحاد الاوربي والمؤسسات المالية العالمية. وقد استطاع الحزب استعادة 4 في المائة من الاصوات التي كان قد فقدها عند خسارته المدوية للسلطة في الإنتخابات المبكرة في عام 2011. اذ عاقبه الناخبون وحليفه المحافظ اليميني على توقيعهم القرارات السابقة التي تضمنت زيادة الضرائب، وتخفيض الإجور والرواتب التقاعدية. وقد ادى ذلك الى ارتفاع نسب البطالة واتساع الفقر بين السكان، مما دفع مئات الآلاف منهم إلى الهجرة الى خارج البلاد. ولهذا لم ينجح الحزب في اقناع الناخبين، بقدرته على انهاء السياسات التي كان قد بدأها.
وشكلت النتيجة التي حصل عليها حزب "كتلة اليسار" مفاجأة الانتخابات، اذ استطاع هذا الحزب للمرة الثانية، بعد انتخابات 2009 تصدر قوى اليسار الجذري، التي كان الحزب الشيوعي البرتغالي يقف في صدارتها. واستطاع "كتلة اليسار، الذي تأسس عام 1999 ، وهو من الأحزاب المؤسسة لحزب اليسار الأوربي، ان يضاعف النتيجة التي حققها في انتخابات 2011، حيث فاز بـ 10,2 في المائة، من الاصوات، وحصل على 19 مقعدا ، فاحتل المرتبة الثالثة في البرلمان الجديد. ويرى متابعون للتطورات السياسية في البرتغال، ان هذه النتيجة تعتبر نجاحا شخصيا لرئيسة الحزب كاترينا مارتينز، التي استطاعت ان تبني سياسة يسارية جذرية ميزت الحزب عن حليفه السابق الحزب الإشتراكي، والذي ادى التحالف معه الى فقدان "كتلة اليسار" 4 في المائة من الاصوات في انتخابات عام 2011 .
نتائج الانتخابات ووحدة اليسار المطلوبة
حققت قوى اليسار الجذري في البرتغال، كلاً على انفراد، تقدما لافتا في الانتخابات، وشهدت العلاقة بين قوتي اليسار الأساسيتين: الحزب الشيوعي البرتغالي وحزب "كتلة اليسار" خلال الأسابيع الأخيرة تحسنا طفيفا عكسته لغة التضامن المتبادلة، وذلك لأول مرة منذ سنين طويلة. ويعود ذلك الى تميز الحزب الشيوعي البرتغالي عن شقيقه في اليونان الذي يتسم بالدوغمائية الشديدة، واعتماده انفتاحا نسبيا تجاه قوى اليسار الأخرى.
وجاءت نتائج الإنتخابات لتطرح بقوة ضرورة الوصول الى شكل من اشكال الوحدة والتنسيق بين قوى اليسار الجذري، التي تضم الى جانب الحزبين الرئيسين منظمات يسارية عديدة تطرح قراءات مختلفة للماركسية، ولم تستطع الوصول الى عتبة البرلمان. بما فيها التنظيمان اللذان انشقا في العامين الأخيرين عن حزب "كتلة اليسار"، على خلفية تنافس قوى اليسار البرتغالي على وراثة وتمثيل حركة "غاضبون" الإحتجاجية التي بلغت ذروتها عام 2011 ، في محاولة من هذه القوى لإستنساخ النموذج الاسباني.
ان اتفاق القوتين الرئيستين في اليسار البرتغالي سيكون عاملاً مهماً في تحفيز الآخرين على انتهاج طريق تجميع قوى اليسار الجذري، بما في ذلك الجناح اليساري في الحزب الإشتراكي.
سيناريوهات ممكنة لتشكيل الحكومة الجديدة
ادت نتائج الإنتخابات الى خلق توازن سياسي غير واضح. ففي الوقت الذي احتفظ فيه التحالف اليميني بموقع الصدارة، جاءت النتائج لتطرح امكانية دفعه الى خانة المعارضة البرلمانية، في حال تحالف حزب "كتلة اليسار" مع الحزب الإشتراكي، وحصول هذا التحالف على دعم الحزب الشيوعي، الذي اشار سكرتيره العام الى ان الإنتخابات وفرت امكانية ازاحة اليمين من السلطة. وهذه اشارة رأى المتابعون انها تعكس استعداد الحزب الشيوعي لدعم سيناريو كهذا. ولكن هذه الإمكانية تواجه مشكلتين، الاولى جنوح الحزب الاشتراكي الى اليمين، وامكانية دخوله في تحالف الكبار. والثانية صعوبة اقدام "كتلة اليسار" على التحالف مع الحزب ألإشتراكي ثانية. والسيناريو الثاني هو حكومة تحالف الكبار، اما السيناريو الثالث فيتمثل في حكومة اقلية يشكلها التحالف اليميني منفردا على ان تتمتع في البرلمان بدعم الحزب الإشتراكي.