مدارات

خبير دولي يتحدث عن آثار اقتصادية كارثية للحروب في المنطقة العربية

طريق الشعب
كبير الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي شانتا ديفاراجان عرض في تصريح له ما تضمنه الموجز الاقتصادي الفصلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الآثار السلبية الواسعة على رأس المال البشري والمادي، وكيف يُمكِن أن تتحسَّن الأوضاع الاقتصادية إذا حل السلام . في ما يلي ملخص موجز لأهم المعطيات.
في عام 2016، أثرت الحرب مباشرة على نحو 87 مليون شخص من أربعة بلدان هي: العراق وليبيا وسوريا واليمن. وفي هذه البلدان، تضرَّرت كل مناحي حياة الناس-المنازل والمستشفيات والمدارس والأعمال والغذاء والمياه. وتشير الأرقام إلى ان قرابة 13,5 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ، وفي اليمن 21,1 مليون، وفي ليبيا 2,4 مليون، وفي العراق 8,2 مليون. واصبح 80 في المئة من مجموع سكان اليمن البالغ 24 مليون نسمة في عداد الفقراء.
وفي سوريا والعراق، انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 23 و 28 في المئة على التوالي.
وقبل خمسة أعوام، كان الجميع يأملون أن يتحقق نمو أكثر إنصافا وشمولا يساعد على خلق المزيد من فرص العمل والتوظيف للأعداد الكبيرة من الشباب العاطلين في المنطقة. ولكن حدث العكس تماما، وتشير التقديرات إلى أن المنطقة خسرت ما تصل قيمته إلى 35 مليار دولار (في أسعار عام 2007) من الناتج أو النمو بسبب الأزمة السورية.
وألحقت حروب المنطقة أضرارا بالبلدان المجاورة. وتواجه تركيا ولبنان والأردن ومصر، التي تعاني بالفعل من مُعوِّقات اقتصادية ضغوطا هائلة على موارد ميزانياتها. وتذهب تقديرات البنك الدولي إلى أن تدفق ما يربو على 630 ألف لاجئ سوري يُكلِّف الأردن أكثر من 2,5 مليار دولار سنويا. ويعادل هذا رُبْع الإيرادات السنوية الحكومة.
ولا تزال معدلات البطالة مرتفعة بين اللاجئين السوريين، لاسيما النساء، والذين يعملون منهم، يحصلون على أجور متدنية. ونحو 92 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان لا يملكون عقود عمل، وأكثر من نصفهم يعملون على أساس أسبوعي أو يومي. وشرَّدت الحرب في سوريا نصف سكانها ، اي أكثر من 12 مليون نسمة. و في العراق واليمن أصبح ما مجموعه 6,5 مليون شخص مُشرَّدين داخليا وفي ليبيا، تشرَّد نحو 435 ألف شخص، بينهم 300 ألف طفل.
ومع أن المزارعين ورجال الأعمال في لبنان وتركيا استفادوا من الأيدي العاملة الرخيصة، فإن العمال المحليين تضرروا. ولم يستفد اقتصاد لبنان من انخفاض أسعار النفط بسبب ضغوط استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى انخفاض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2,9 نقطة مئوية سنويا في فترة 2012-2014، وأصبح أكثر من 170 ألف لبناني آخرين في عداد الفقراء، وتضاعف معدل البطالة في البلاد متجاوزا 20 في المئة.
إن انتهاء الحروب، إذا تحقَّق، فسوف يُؤدِّي إلى تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي. ومن شأن تحويل الموارد العامة من الإنفاق العسكري، إلى قطاعات التعليم والرعاية الصحية أن يعزز أيضا المؤشرات الاجتماعية. بيد أن وتيرة التعافي تختلف باختلاف ما يمتلكه البلد من ثروات طبيعية: فالاقتصاد اللبناني استغرق 20 عاما ليتعافى من آثار الحرب في الماضي، والكويت استغرقت سبع سنوات لتتعافى.
وتتعافى البلدان الغنية بالنفط بسرعة أكبر لأنه من السهل نسبيا إنعاش إنتاج النفط. ولكن إذا استمر انخفاض أسعار النفط، وضعْف المساعدات الدولية، فإن ليبيا وسوريا والعراق واليمن ستجد صعوبة أكبر في التعافي من الأوضاع الحالية. وستكون استثمارات القطاع الخاص ضرورية.
إن التحوُّل من نظام غير ديمقراطي إلى الديمقراطية يزيد متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وذلك إلى حد كبير من خلال التشجيع على كل الأمور التي تحتاج إليها البلدان التي مزقتها الحرب لتقف على قدميها مثل الاستثمار والتعليم والإصلاحات الاقتصادية وتوفير سلع النفع العام. وفي الأمد الطويل (بعد قرابة 30 عاما)، سيكون نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي أعلى بقرابة 20 في المئة في بلد تسوده الديمقراطية عن نظيره في بلد يفتقر إليها.
ـــــــــــــــ
المصدر: البنك الدولي، 4/2/2016.