مدارات

حكومة شيوعية في ولاية كيرالا الهندية

رشيد غويلب
في الانتخابات المحلية التي شهدتها اربع ولايات هندية ومنطقة اتحادية واحدة في 16 ايار الحالي استطاعت "جبهة اليسار الديمقراطية" التي يمثل الحزب الشيوعي الهندي، والحزب الشيوعي الهندي الماركسي قواها الاساسية، ان تحقق انتصارا انتخابيا كبيرا في ولاية كيرالا، ونتائج لافته في الولايات الاخرى.
ولم يقلل من فرحة الانتصار عدم تمكن الجبهة من العودة إلى الحكم في ولاية البنغال الغربية، التي حكمتها قوى الجبهة لمدة 30 عاما، وخسرت الحكم فيها في انتخابات عام 2011 ، مكتفية بالموقع الثالث في برلمان هذه الولاية.
وبعد خمس سنوات من خسارة الجبهة رئاسة الحكومة في ولاية كيرالا، بفارق ضئيل، تعود بقوة بعد ان حصدت 91 من اصل 140 مقعداً تشكل مجموع مقاعد برلمان الولاية. وانتخب البرلمان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الماركسي بينارايي فيجايان رئيسا للوزراء.
يذكر ان اول حكومة شيوعية في الولاية تشكلت في عام 1959 ، ومنذ ذلك الحين يتبادل الشيوعيون مع حزب المؤتمر الهندي حكم ولاية كيرالا، التي تعد احد اهم قلاع الشيوعيين وقوى اليسار في الهند.
ومرة اخرى صوتت الأغلبية الساحقة لصالح جبهة اليسار، ويمثل الانتصار الحالي تصويتا ضد سياسة الحكومة السابقة بزعامة جبهة "القوى الديمقراطية المتحدة"، اي ضد السياسة التي لا تحترم الإنسان، ضد سياسة الفساد، والطائفية والامتيازات. وقد توجه غضب الشعب في هذه الانتخابات ضد حزب المؤتمر. اما جبهة اليسار فتتمتع برصيد في جميع قطاعات المجتمع: العلمانيون وابناء الأقليات الدينية، وجمهرة نساء الولاية. وقد استطاع الثبات على المواقف الرافضة للفساد، والتشديد على الكفاءة السياسية والإدارية التي اعتمدها اليسار ان يعزل حكومة "جبهة القوى الديمقراطية" بزعامة حزب المؤتمر. واستقبل الناخبون بحماس برنامج اليسار الإنتخابي الذي حمل عنوان "برنامج التنمية الشاملة في ولاية كيرالا".
والآن ستعمل جبهة اليسار على تلبية تطلعات الشعب والحفاظ على قيم التسامح والعلمانية في الولاية. كما ان نتائج الانتخابات جاءت بمثابة رسالة رفض قوية لسياسة حزب "بهاراتيا جاناتا" اليميني المحافظ الذي يقود حكومة الهند الإتحادية التي تتبنى سياسة الاستقطاب الطائفي والقومي العدوانية، وخصوصا ذهنية وسلوك رئيس الوزراء الهندي ورئيس الحزب الحاكم الحالي ناريندرا مودي . وانعكس هذا الرفض في حصول حزب "بهاراتيا جاناتا" على مقعد واحد فقط في برلمان الولاية. ومعلوم ان حزب رئيس الوزراء الهندي لا يتمتع برصيد قوى في برلمانات الولايات.
وتعليقا على تشكيل حكومة اليسار قال رئيس الوزراء المنتخب: "ان العمل الشاق لكوادر الشيوعي الهندي (الماركسي)، وجميع قوى اليسار الأخرى، أدى إلى فوز مرشحنا. ونحن على يقين بأن الحكومة الشيوعية سوف ترفع راية قيم اليسار عند تنفيذها السياسات العملية، وبالتالي سوف تصبح نموذجا يحتذى به في الهند والعالم ". واضاف " ستكون حكومة جبهة اليسار حكومة للشعب وستتجاوز حدود الطائفية والتعصب الديني والقومي".
هذا وأكدت نتائج الإنتخابات في الولايات الأربعة المذكورة من جديد، استمرار الهزائم الانتخابية لحزب المؤتمر الهندي التي بدأت في انتخابات عام 2014 العامة.