مدارات

النمسا .. مشروع جديد لتجميع قوى اليسار

رشيد غويلب
ظاهرة صعود اليمين المتطرف تدفع قوى اليسار الأوربي الى دراسة الظاهرة وطرح مشاريع عملية لمواجهتها سواء على صعيد القارة الأوربية او على الصعيد الوطني في البلد المعين.
وفي النمسا يعمل اليسار على اعادة تنظيم نفسه والتدقيق في شكل التحالفات المطلوبة لخوض الأنتخابات البرلمانية العامة. وفي هذا السياق شهدت العاصمة فينا عقد مؤتمرعمل شارك في اعماله الف شخصية وناشط يساري حمل تسمية "التغيير"، ناقش مهام قوى اليسار في المرحلة المقبلة والمهام الملقاة على عاتقها . وسيجري تأسيس تنظيمات له في جميع انحاء البلاد.
وتوصل المجتمعون الى برنامج عمل يتضمن اقامة 300 فعالية عامة تنفذها 15 مجموعة تمثل المشروع الجديد لقوى اليسار ، وضعت أهدافا طموحة للأشهر القادمة. وفي الوقت نفسه، فإن هذه الأهداف تبدو واقعية. لقد كان عقد مؤتمر العمل الأول، للفترة 4 – 5 حزيران الجاري نجاحا لافتا لمنظميه.
ويمثل المؤتمر احد اكبر مؤتمرات قوى اليسار في العقود الأخيرة. ومثل المشاركون فيه طيفاً واسعا من قوى اليسار منها الحزب الشيوعي النمساوي، حركة مناهضة العولمة "اتاك"، منظمات دعم اللاجئين، والمنظمات النسوية، منظمات تروتسكية، وممثلون عن يسار الاجتماعيين الديمقراطيين، ومنظمة شباب الخضر. وامتاز المشاركون بحضور اكثرية من الفئات العمرية الشابة الى جانب الخبرات المطلوبة.
وشارك في المؤتمر شخصيات يسارية ظلت في السنوات الأخيرة بعيدة عن النشاط العام. ويسعى هؤلاء إلى قيام قوة سياسية جديدة تكون جذرية في تحديد اهدافها وتتفهمها اوسع الأوساط الاجتماعية. واكد بعض المشاركين على ضرورة تحديد سياسة اجتماعية مضادة للرأسمالية. وسبق انعقاد المؤتمر عقد العديد من الاجتماعات التشاورية التي ناقشت حزمة من الافكار ووضعت خططا، وبنت جسورا للثقة خلال فترة تجاوزت العام. وكانت مدونة "موزايك" قد طرحت المشروع في كانون الثاني 2015، وبادرت قوى متنوعة من اليسار إلى دعمه والمشاركة فيه. وشهدت العديد من المدن النمساوية في الاسابيع التي سبقت المؤتمر فعاليات عامة عرفت بالمشروع.
في يوم المؤتمر الأول تم عرض المشروع ومناقشة المستجدات السياسية في البلاد. وكان من ضمن محاور النقاش موضوعات مثل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي حقق فيها مرشح اليمين المتطرف نجاحات كبيرة، على الرغم من عدم فوزه في اللحظة الأخيرة، ولا تزال نتائج الانتخابات محط نزاع قضائي وسياسي في النمسا، وتحول الحزب الاجتماعي الديمقراطي نحو اليمين وخصوصا في سياسة التعامل مع ملف اللاجئين، وتصاعد معدلات البطالة الى 10 في المئة وهو اعلى معدل منذ عام 1955.
وقدمت ممثلة الحركة المضادة للعولمة ليزا متندراين عرضا لاهم المستجدات في الوضع الداخلي. واعتبرت المشروع الجديد قطبا في مواجهة اليمين المتطرف والتحالف الحاكم المشكل من الاجتماعيين الديمقراطيين واليمين المحافظ. وتناولت كذلك الوضع الاقتصادي، وقوبلت بتصفيق من الحاضرين، عندما اكدت على ان " نمط الانتاج الراسمالي يدمر اسس حياتنا".
وفي اليوم الثاني للمؤتمر تم تشكيل قرابة 100 مجموعة عمل ناقشت نشاطات ملموسة. وحملت الحملة الأولى عنوان "لن نتحمل بعد اعباء الأغنياء"، وكانت المحاور التي انيطت بها هي ملف السكن، العمل، والصحة. وكرر المشاركون مفهوم "اليسار المفيد"، الذي يجب ان يترسخ في المصانع والأحياء السكنية. والهدف هو تغيير نمط حياة الناس. وستتم في ضوء نتائج المؤتمر لقاءات في المدن الكبيرة.
وتم تحديد 25 مؤتمراً مصغراً ستشهدها هذه المدن. وطرح العديد من المتحدثين فكرة دخول الإنتخابات العامة بقائمة مشتركة للقوى المشاركة في المؤتمر والعمل على توسيعها. ولمناقشة هذه الفكرة تم تشكيل مجموعة عمل لمتابعة هذه الفكرة، عليها طرح النتائج المرتقبة خلال الأشهر القادمة.
معلوم ان الحزب الشيوعي النمساوي قد عمل في السنوات الأخيرة على الإنفتاح على قوى اليسار الأخرى ودخل العديد من التحالفات التي حققت نتائج لافته على صعيد بعض البلديات. وياتي المشروع الجديد ليتناغم مع توجهات الحزب، ولهذا وقعت شخصيات مرموقة في الحزب على النداء الداعي إلى عقد المؤتمر