مدارات

عورة المتنفذين! / محمد عبد الرحمن

لسنا بصدد التوقف عند مطالب المتظاهرين، وهي مشروعة حقا لجهة عدالة المطالبة بردم الهوة بين الرواتب العالية وتلك التي بالكاد تسد الرمق .. او لا تسده . في وقت تتمادى فيه الحكومة والسلطات المسؤولة في الدولة عموما، في تجاهل مطالب الناس بتحسين الخدمات ورفع المستوى المعيشي او تسوّف في تنفيذها.
المهم هو التوقف عند هذه الحالة من التطيّر والهلع ازاء تظاهرات سلمية ذات مطالب عادلة! والانكى انها تظاهرات حضيت بدعم لفظي من كتل متنفذة في السلطة ، ولكن على ارض الواقع جاءت الممارسة لتكشف عورات تلك المواقف وحقيقتها، حتى بانت مهلهلة ، لكنها تكشر عن انياب لا تمت بشيء الى ما يعلن من حرص على الديمقراطية والدستور، ولا الى مجرد الممارسة الديمقراطية، التي لا يكف البعض عن إظهار حبه لها وتعلقه بها، حتى اصبحت تعويذة له في بياناته وتصريحاته . نقول هذه الممارسة اوالآليات الديمقراطية، وليس الديمقراطية كنظام حكم ومؤسسات. فهذا البعض لم يكن يوما من مناصريها، وقد رضخ لها لا عن قناعة، بل مجاراة للواقع . لذا نراه يعود بين الفينة والاخرى الى الانسجام مع نفسه الرافضة للديمقراطية !
وهنا يكمن جذر هذه المواقف التي شاهدنا امثالها من قبل ، ولا نستبعد تكرارها في المستقبل ، ولكن العامل المعول عليه هو الناس بخروجهم المليوني ،الذي يشل من يعتمل في نفوسهم حب السيطرة والتفرد ، رغم ما يدعون ويعلنون .
والغريب ، وما يثير ايضا الضحك والسخرية ، ان يعلن البعض دعمه لمطالب المتظاهرين التي كشفت واقع التردي الذي آلت اليه اوضاع البلد على يد الكتل المتنفذة! اليس ذا دلالة كبيرة ان يهتف الناس « إلمن نشتكي .. كلهم حرامية « و « الشعب جوعان وجيوبهم مليانه « ، وغير ذلك مما صدحت بها الحناجر. وبدلا من سماعها ومراجعة النفس، والاتعاظ بما جرى ويجري في دول الاقليم ، قرر المعنيون اسكات صوت الحق، والدوس عليه بالاقدام، ومعهم من تلقى توجياتهم وتحمس لتنفذيها .
لكن على من اصدر تلك الاوامر وقطع الشوارع والطرق ووجه باعتقال الناس وضربهم ، وحرك آليات الاجهزة الامنية ودفعها لدهس الناس واصابة بعضهم، كما وثقتها وسائل الاعلام بالصوت والصورة ، عليهم جميعا معرفة حقيقة زكتها احداث المنطقة ، هي ان لا دوام لحكم ظالم ومتجبر، ومتنكر لمطالب الناس وحقوقهم وغامط لحرياتهم ، مهما طال الزمن . فان سكت الشعب وتحمل وصبر، فان لصبره حدودا. وقد اعطى اشارات واضحة في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ، وما عليه الا ان يكملها في انتخابات البرلمان القادمة ، بعيدا عن العواطف والولاءات الثانوية.
وهذا هو الرد العملي على من اصدر الاوامر التي بنتيجتها سالت دماء بريئة ، في ذي قار وبغداد ، وفي غيرهما ربما.