مدارات

تركيا.. اوردوغان يعيد فتح ملف غيزي بارك

رشيد غويلب
الرئيس التركي رجب طيب اوردوغان، او السلطان العثماني كما يصفه معارضوه، مصر على الاستمرار في فرض نهجه المعادي للديمقراطية والذي يمارسه على جبهات عدة داخلية واقليمية. فالرئيس يشن حرب ابادة جماعية ضد سكان المدن في كردستان تركيا، متزامنة مع حملة قمعية ضد قوى اليسار والديمقراطية المعارضة في داخل البرلمان وخارجه ايضا.
ولم يسلم من حملة الإقصاء السياسي حتى شخصيات قيادية في حزبه كانت حتى الأمس القريب لصيقة به، والمثل الابرز هو مصير رئيس الوزراء التركي السابق داود اوغلو. اما تدخل اوردوغان في الصراع الدائر في سوريا ودعمه قوى الارهاب متمثلة بداعش واخوانها فلم يعد سرا . ولا يغيب عن البال التدخل التركي الفج في العراق وعمل الحكومة التركية الدائب على ترسيخ حالة التشظي الطائفي والقومي وتسعير الصراع الدائر في البلاد. وآخر ما حملته منظومة الاستبداد المترسخة في ذهن زعيم حزب العدالة والتنمية الإسلامي هو اطلاق النار على اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحرب الأهلية، وقتل منذ بداية العام 60 من النساء والأطفال والرجال العزل.
اصرار على الاستبداد واستفزاز المعارضين
وجديد اوردوغان هو فتح ملف حديقة غيزي في وسط مدينة اسطنبول الذي ادى في عام 2013 الى اندلاع اوسع حركة احتجاجية في البلاد منذ وصول حزب التنمية والعدالة الإسلامي المحافظ، في عام 2002 ، الى السلطة. لقد بدأت الاحتجاجات بمحاولة بضع مئات منع ازالة اشجار حديقة غيزي ليحل محلها مجمع سكني وتجاري يعاد بناء ثكنة عثمانية قديمة تعود إلى القرن التاسع عشر، على أن يتم بناء مسجد قريب منها أيضا. وسرعان ما اتسعت الحركة الاحتجاجية كما ونوعا للتحول الى حركة احتجاجية ضد نظام الاستبداد الذي يقوده اوردوغان، والذي كان رئيسا للوزراء في حينه. وواجهت قوات الأمن التركية المحتجين بالهراوات والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، وادت المواجهات الى موت ثمانية محتجين على الأقل. وقد اوقفت محكمة تركية الاستمرار في تنفيذ المشروع الحكومي مؤقتا. ولكن القضاء عاد واعطى الحكومة الضوء الأخر لتنفيذ المشروع،. وفي السبت الفائت اعلن اوردوغان في خطاب له توجه الحكومة الى البدء في تنفيذ المشروع مجددا.
تجاوز فض على الحريات العامة
ولهذا من المتوقع ان تشهد اسطنبول ومدن تركية اخرى حركة احتجاج جديدة، يقابلها عنف حكومي. وكانت اسطنبول قد شهدت السبت الفائت احتجاج المئات بعد ان هاجم اسلاميون متشددون محل لبيع الأسطوانات. وقامت الشرطة بتفريق المحتجين مستخدما الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. وفي يوم سابق قام متشددون بمهاجمة جمهور فرقة موسيقى الروك البريطانية راديوهيد، بدعوى انهم يشربون الكحول في شهر رمضان. وهتف المتظاهرون الذي تجمعوا في احد احياء اسطنبول "معا ضد الفاشية" واصفين الرئيس التركي بـ"اللص" و"القاتل" ، حسب معلومات احد مصوري وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي مساء الجمعة هاجم 20 اسلاميا متشددا مجموعة من الشبيبة التي كانت تستمع الى الموسيقى في احد متاجر اسطنبول بدعوى الإفطار العلني وتناول المشروبات الكحولية. وحسب وكالة دوغان ادى الاعتداء الى اصابة اثنين من الحضور، من جانبها فتحت الشرطة "تحقيقا" في الحادث. وفي تسجيل مصور لهجوم هؤلاء الإسلاميين تناقلته مواقع الإنترنيت يبدو واضحا كيف دمر المهاجمون المتجر واعتدوا بالضرب على الموجودين، الذين اصيب احدهم بنزيف في رأسه. وكان احد المهاجمين يصرخ "سنقتلكم ايها الأوباش". يذكر ان عدة من المتاجر تعرضت لهجمات مماثلة في الجانب الأوربي من اسطنبول. وكان عدد من الكوريين الجنوبيين المقيمين في المدنية من بين ضحايا هذه الهجمات ، خلال تواجدهم في متجر يعود لمواطنهم الذي يعيش ويعمل منذ سنوات في المدينة.
من جانبها عبرت فرقة راديوهيد عن تضامنها مع ضحايا الاعتداءات: "ان قلوبنا مع الضحايا" و"نأمل ان يكون التعصب يوما من اعمال الماضي، ولا يسعنا الى ان نقدم حبنا ودعمنا لجمهورنا في اسطنبول".