مدارات

الولايات المتحدة.. شبكة "حياة السود مهمة" تطرح اسئلة شاملة

رشيد غويلب
في السابع من تموز الجاري قتل قناص اثنين من منتسبي الشرطة الأمريكية خلال تظاهرة لشبكة "حياة السود مهمة". وشكل الحادث عامل ضغط قوي على الشبكة. واعلنت الشرطة ان القناص ميشا جونسون وصف نفسة قبل ان تتمكن الشرطة من قتله، بانه مستقل ولا ينتمي الى اي منظمة سياسية .و كانت التظاهرة قد نظمت احتجاجا على قيام الشرطة في الخامس من تموز بقتل اثنين من المواطنين السود. وكعادة تظاهرات الشبكة السابقة رفع المتظاهرون شعارات تتهم الشرطة بقتل السود لأسباب عنصرية.
ومنذ بدءعمليات القتل ضد السود تواجه الشبكة عداء شديدا.و الاتهام بالكيل بمكيالين في تعاملها مع عمليات القتل، فهي تغني الراب عندما يقتل منتسبي الشرطة، وتحتج عندما يقتل احد السود، على حد تعبير المحافظ السابق لمدينة نيويورك اليميني ردودوف جولياني في مقالة له في جريدة النيويورك تايمز، وتتصاعد اتهامات اعلام اليمين للشبكة الى حد اتهامها بالتحول الى منظمة ارهابية. من جانبها نأت الشبكة بنفسها عن افعال القناص مشيرة الا ان الشرطة لم تستطع حتى الآن اتهامها بالمشاركة في اعمال العنف. ولكنها اكدت استمرارها في الاحتجاج. وكانت الشرطة قد اعتقلت 200 مشارك في الحركة الاحتجاجية في مدن مختلفة.
لقد نشأت الشبكة في حزيران 2013 كاطار مفتوح للعديد من المجموعات على اثر تبرئة المحلفين في فلوريدا لرجل شرطة قام بقتل شاب اسود اعزل من السلاح. واكثر الوجوه البارزة في الشبكة هي من الشابات المدافعات عن حقوق المرأة، اللواتي يجدن التعبئة عبر شبكة الإنترنيت. والاحتجاجات التي تنظمها الشبكة تبتعد عن الصرامة في شكل التنظيم.
الناشطة السوداء أليسيا غارزا كتبت سابقا: "نحن لا نستحق القتل المجاني.و يجب علينا أن نناضل من أجل عالم تكون فيه "حياة السود مهمة"، وقد حولت صديقتها باتريتسيا كلورس هذه الجملة الى شعار للحركة الاحتجاجية. وكانت افلام فيديو سجلها متطوعون قد انتشرت على شبكة الإنترنيت لفضح عمليات قتل الشرطة لمواطنيهم السود، سرعت من انتشار الشبكة في جميع انحاء البلاد. وعلى الرغم ان الشبكة لا تمتلك قيادة رسمية، الا ان مؤسسيها الثلاثة باتريتسيا كلورس و أليسيا غارزا واوبال توميتي يعتبرن الشخصيات المهمة فيها. واختارت مدونة "بوليتيكو" النساء الثلاث في عام 2015 في المركز الثالث من بين 50 شخصية الأكثر تأثيرا في السياسة الأمريكية.
وترفض الشبكة "مفهوم "القومية السوداء" الذي يروج له في العديد من جماعات الأفرو –امركية، والتي تدعو الى حصر تعامل السود في اطارهم المجتمعي فقط، وتدعو الشبكة على موقعها على الإنترنيت الى تجاوز ذلك. وتنتقد الشبكة الاطر القديمة للسود الأمريكيين التي تبرز في قياداتها الشخصيات المعروفة، وتمنع الفقراء والمعوقين من احتلال الصدارة. ان قوة التأثير السياسي للشبكة نجح في تحقيق اصلاحات فعلية، فمنذ عام 2014 يجري العمل بموجب قوانين ضد انتهاكات الشرطة في أكثر من 20 ولاية امريكية.
وعلى الرغم من أن الغضب من عنف الشرطة وإفلاتها من العقاب كان حافزا لنمو الشبكة السريع ، الا ان الشبكة في الجوهر، وعلى لسان منظميها، تضع المسائل الطبقية في مقدمة اهتماماتها، فهي لا تندد فقط بالتوزيع غير العادل للسلطة والثروة، وانما تدعو أيضا إلى مجتمع بديل غير الرأسمالي. وعلى هذا الأساس نصح عدد من الشخصيات اليسارية السود قوى اليسار الأمريكي للعمل مع الشبكة لكونها لا تعمل في سبيل تحرير السود فقط، وانما تسهم في تحرير الطبقة العاملة في عموم البلاد.
وهناك العديد من الأسئلة يتداولها المتابعون منها: هل ستظل الشبكة وفية لأهدافها الأساسية بعد التعقيدات التي نشأت على خلفية الاحداث الأخيرة ، وما تبعها من مناقشات جزئية عقيمة؟ هل ستكون الشبكة بعد اربعة اعوام من النشاط ضحية للقمع المنظم؟ هل ستنجح الحركات التقليدية للسود في تجاوزها؟ ان الشبكة تستحق المتابعة حتى قبل ان يزول الضباب من حولها.