- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2016 19:28
طريق الشعب
تتراكم الديون على الدول العربية، لا سيما بعد تراجع أسعار النفط الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد العديد منها. ويفيد تقريروكالة "ستاندارد آند بورز" للتصنيف الائتماني أن 11 دولة عربية استدانت 143 مليار دولار خلال العام الماضي 2015، مقارنة بحوالي 71 مليار دولار في عام 2014. وأشار التقرير إلى أن السعودية وحدها اقترضت 26 ملياراً من مجمل 40 ملياراً اقترضتها دول الخليج عام 2015.
وتصدرت مصر القائمة باقتراض 44 مليار دولار في العام الماضي. ومع استمرار تدهور أسعار النفط يتوقع أن تقوم هذه الدول بمزيد من الاقتراض خلال الأعوام القادمة. وإذا ما استمرت وتيرة الاقتراض على المستوى الحالي فان إجمالي حجم الديون العربية المتراكمة، الداخلية منها والخارجية، سيرتفع من نحو 670 إلى أكثر من 1000 مليار دولار بحلول عام 2020.
وستكون الزيادة الأكبر من نصيب السعودية التي تعاني عجزاً متزايداً في موازنتها يتراوح بين 85 و 90 مليار دولار سنويا.
الدول الأكثر مديونية
حتى الآن يقع عبء الديون الأكبر على لبنان والأردن ومصر والعراق والمغرب والبحرين، إذا ما أخذنا نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. فحسب نشرات مؤسسة التجارة الخارجية الألمانية بلغت نسبة الدين إلى الناتج في هذه الدول خلال عام 2015 وعلى التوالي: 139 و 89 و 88 و 66 و 64 و 63 و 54 بالمائة. أما الناتج المحلي في هذه الدول وعلى التوالي: 51 و 38 و 330 و 198 و 103 و 30 و 44 مليار دولار.
ومقارنة بمديونية معظم دول العالم بما فيها مديونية الدول الصناعية الكبرى، فإن الدين العام في الدول العربية باستثناء لبنان والأردن ومصر وإلى حد ما العراق ما يزال في نسب تحت السيطرة، أي دون 65 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. غير أن المشكلة تكمن حاليا في تراجع إيرادات مصادر خدمة الدين، بفعل انهيار أسعار النفط وتراجع السياحة والصادرات الزراعية والصناعية في وقت ما تزال فيه الحروب والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار تعصف بغالبية هذه البلدان.
ويشهد الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفا منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
ازدهار المديونية
صحيح أن فرص الدول النفطية في الحصول على مزيد من القروض أفضل من نظيرتها ، بسبب احتياطاتها المالية وتدني نسبة ديونها إلى الناتج المحلي، التي بلغت في عام 2015 على سبيل المثال 6 بالمائة فقط في السعودية و 8 بالمائة في الجزائر. غير أن تدهور أسعار مصادر الطاقة وتراجع أداء القطاعات التقليدية الزراعية منها والصناعية، إضافة للأزمة السياسة، تعني بالنسبة لجميع الدول العربية تقريبا مواجهة المزيد من الصعوبات للحصول على مزيد من قروض صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى. وهي المشروطة باملاءات صندوق النقد الدولي وبوصفته المعروفة التي تسمى "الإصلاحات واعادة الهيكلة" . لكن كيف يمكن لبلد عربي القيام بإصلاحات عميقة ذات تبعات اجتماعية قاسية إذا كان اقتصاده في تراجع أو يعاني الركود، وليس لديه مصدر تمويل لشبكات ضمان اجتماعي تحد من اتساع دائرة الفقر والفاقة؟
أهمية إحياء الدورة الاقتصادية المحلية
خلال العقود الثلاثة الماضية ارتفعت بشكل مضطرد ومخيف تكاليف واردات الأغذية والألبسة والسلع الاستهلاكية البسيطة، التي كانت تنتج محليا على نطاق واسع أو أوسع في مصر وسوريا والجزائر وتونس والمغرب.
وتذهب التقديرات الإحصائية المتوفرة إلى أن هذه التكاليف تشكل نسبة تصل إلى ثلث الواردات في بلدان مثل تونس والمغرب ومصر والأردن، مقابل نسبة قد تصل إلى النصف في الدول العربية النفطية. وإن إحياء الزراعات والصناعات المحلية الموجهة للاستهلاك الداخلي تشكل المخرج الوحيد حاليا لتقليص التكاليف والحد من الاقتراض. وهذا يتطلب تشجيع الإنتاج المحلي من خلال توفير القروض والاستشارات ومستلزمات الإنتاج بشكل ميسر، كما يتطلب إجراءات حماية للمؤسسات.