مدارات

قوى اليسار العالمي تتضامن مع قادة حزب الشعوب الديمقراطية وتدين دكتاتورية اوردوغان

رشيد غويلب
لم يكن اعتقال قادة حزب الشعوب الديمقراطية من قبل قوات الأمن التركية مفاجأة لأحد، بما في ذلك المعتقلين، الذين كانوا قد اعدوا بيانا للاحتجاج على الاعتقال الذي كانوا يتوقعونه. فقد شهدت تركيا في الاشهر والأسابيع الفائتة حملات اعتقال وملاحقة شملت العديد من النشطاء اليساريين والمناضلين في حركة التحرر الكردية، بما في ذلك أعضاء المجالس البلدية المنتخبين.
وتم كذلك إغلاق 178 مرفقا اعلاميا مقروءا ومسموعا ومرئيا، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية التركي رجب طيب اردوغان. وفي الآونة الأخيرة جرى اعتقال قرابة 130 صحفيا. وهذا ما أكدته الصحفية التركية آسلي اردوغان في رسالتها التي ارسلتها من سجن "بكير كوي" إلى العاملين في قطاع الإعلام، مطالبة إياهم بتصعيد التضامن مع السجناء والمعتقلين مع شكرها كل ما قدموه في هذا المجال. وتصاعدت الحملات بعد الانقلاب العسكري الفاشل الذي وفر لاردوغان غطاءً مناسبا لإعلان حالة الطوارئ في البلاد. وكانت أكثرية في البرلمان التركي قد رفعت في أيار الفائت، تنفيذا لطلب من اردوغان، الحصانة البرلمانية عن اعضاء كتلة حزب الشعوب الديمقراطية لتمهد الطريق لاعتقالهم وملاحقتهم قضائيا. وباعتقال صلاح الدين دميرتاش و وفيغان يوكسك داغ رئيسي حزب الشعوب الديمقراطية المشاركين ومجموعة من نواب الحزب الذي يمثل القوة الثالثة في البرلمان التركي اكتسبت حملة الحكومة القمعية ضد قوى اليسار في البلاد نوعية جديدة،وبدأ اردوغان قيادة البلاد إلى دكتاتورية مفتوحة شبهها بعض المعلقين اليساريين في أوربا، بحملة الاعتقالات التي نفذتها سلطات ألمانيا النازية ضد قيادة ونواب الحزب الشيوعي في ألمانيا في البرلمان مباشرة بعد صعود هتلر إلى السلطة في عام 1933، ومثلت حملة الاعتقالات في حينها بداية لدخول ألمانيا في عهد الدكتاتورية الفاشية وواضح ان اوردوغان يريد من فعلته هذه استفزاز الملايين من السكان الأكراد ودفع تركيا إلى حرب أهلية غير محسوبة العواقب.
وبموازاة التظاهرات التي شهدتها العديد من المدن التركية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين واحترام الدستور، والتي جوبهت بالاعتقال واستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن التركية شهدت العديد من المدن الأوربية في ألمانيا والنمسا وسويسرا وبلدانا أخرى.
والى جانب المشاركة الواسعة لقوى اليسار في التظاهرة التضامنية أصدرت هذه القوى نداءات تضامن مع ضحايا الحملة القمعية. وتضمنت هذه النداءات إدانة واضحة وصريحة لاتساع حملات القمع والملاحقة التي تشنها دكتاتورية حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ. وعلى الرغم من القلق الذي عبرت عنه تصريحات العديد من الحكومات الأوربية ومؤسسات البرلمان الأوربي عن الديمقراطية في تركيا، إلا إن قوى اليسار والتقدم في البلدان الغربية حملت حكومات بلدانها مسؤولية تمادي السلطة التركية في عنجهيتها جراء سكوت هذه الحكومات عن الحملات الهستيرية السابقة التي نفذتها الحكومة التركية، وإصرار حكومات الغرب على التعاون مع اردوغان و دعم حملته الانتخابية. وركز العديد من بيانات التضامن على تواطؤ حكومات الغرب مقابل الاتفاق السيئ الذي التزمت بموجبه تركيا بمنع وصول اللاجئين إلى بلدان القارة الأوربية.
وطالبت قوى اليسار بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وعودة نواب الشعب المنتخبين إلى ممارسة مهامهم الدستورية في البرلمان التركي وفي مجالس البلديات. وإيقاف تصدير السلاح إلى حكومة اردوغان المتورطة في دعم الإرهاب والتدخل في الصراعات والشؤون الداخلية لبلدان الجوار. وكذلك إيقاف المفاوضات بين الاتحاد الأوربي وتركيا بشأن حصول الأخيرة على عضوية الاتحاد. ورفع الحظر المفروض في بعض البلدان الأوربية على نشاط منظمات حزب العمال الكردستاني وعدم اعتباره منظمة إرهابية، وإيقاف ملاحقة نشطاء اليسار التركي المقيمين في المنفى الأوربي.
وأكدت قوى اليسار الأوربي إن مماطلة الحكومات الأوربية في تنفيذ هذه المطالب يجعلها تتحمل جزءا من مسؤولية قيام دكتاتورية قومية – إسلامية في تركيا، وكذلك في استمرار حرب النظام ضد السكان الأكراد، ومحاولات اردوغان تغيير خارطة بلدان الشرق الأوسط. واختتمت البيانات بالتضامن مع نضال حركة التحرر الوطني الكردستانية وقوى اليسار والديمقراطية في تركيا.