مدارات

الشيوعي الأمريكي يدعو إلى انتخاب هيلاري كلينتون

رشيد غويلب
الكثير من قوى اليسار داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها أوهام بشأن طبيعة الحزب الديمقراطي، ولا بشأن السيرة السياسية لمرشحته لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة هيلاري كلينتون. وعلى الرغم من ذلك يدعو الحزب الشيوعي الأمريكي، الذي يضم في صفوفه قرابة 5 آلاف عضو، ويعد اكبر تنظيم ماركسي في الولايات المتحدة، الى التصويت لصالح المرشحة الديمقراطية.
هذا ما اكده الخميس الفائت عضو قيادة الحزب جو سيمز في حديث مع جريدة "يونغه فيلت" الالمانية، مشيرا الى ان دعوة الحزب يجب ان لا تفهم باعتبارها دعما سياسيا للحزب الديمقراطي، لان جوهر موقف الشيوعيين ينطلق من استخدام جميع الوسائل لمنع فوز المرشح الجمهوري اليميني المتطرف دونالد ترامب . وان النظام الانتخابي في الولايات المتحدة يجعل انتخاب كلينتون الخيار الواقعي الوحيد، لانه لا يمنح فرصة الفوز لمرشحي الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين. وبهذا الخصوص يقول سيمز " نحن نعتقد ان ترشيح ترامب يشكل تهديدا للديمقراطية". ويضيف أنه " ستكون لفوزه تأثيرات سلبية هائلة على الظروف المعيشية للشعب الأمريكي، وخصوصا الطبقة العاملة وضحايا العنصرية". وهنا يشير سيمز الى المجاميع المتطرفة والفاشية التي تعلن دعمها ترامب.
بالإضافة الى ذلك ضمّنت كلينتون برنامجها الانتخابي مطالب مهمة، منها على سبيل المثال مجانية التعليم، واقتراح ضمان صحي عام يستفيد منه الملايين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف شركات الضمان الصحي الخاصة. وفي خصوص مكافحة عنف الشرطة الواسع ضد السود واللاتينيين يتخذ الحزب الديمقراطي مواقف افضل مقارنة بمواقف الجمهوريين. ويعود الفضل في ذلك الى ضغط الشبيبة التي ساهمت في حملة المرشح اليساري بيرني ساندرز. ونشاط الحركات الأخرى مثل حركة "حياة السود مهمة" المعادية للعنصرية.
ان ترامب يشكل خطرا اكبر من كلينتون، "انه يتساءل : لماذا لا ينبغي لنا استخدام الاسلحة النووية؟ وفي حالة فوزه سيكون "المفتاح الذهبي" لاستخدام السلاح النووي بحوزته. ونحن ندرك اهمية هذا الملف في السياسة الخارجية لكلينتون".
وبعد الانتخابات ستعمل القوى التقدمية بمختلف مشاربها على ممارسة الضغط على كلينتون لتحقيق تحول في نهج سياستها الخارجية. وضغط كهذا يمكن مراكمته وجعله مؤثرا على الرئيسة المرتقبة، على عكس منافسها ترامب.
ويدرك الحزب الشيوعي الأمريكي الحاجة الماسة لبناء "قطب ثالث" يساري في المدى البعيد ، حيث يرى عدم توفر القاعدة السياسية لذلك حاليا. ويشير سمنز الى ان بناء قوة سياسية جديدة يحتم وجود علاقة وثيقة على مستوى القواعد مع القوى التقدمية. "ان اكثرها - على الأقل - تنشط داخل الحزب الديمقراطي ".ويضيف: " هناك تجد الحركة النقابية، و حركات الأفرو - امريكان واللاتينيين والمجموعات المدافعة عن حق الافراد في اختيار مسارات حياتهم الشخصية.
ويتفق مع دعوة الحزب اغلب قوى اليسار الأمريكي وشخصيات مهمة مثل المناضلة الشهيرة انجيلا ديفز التي قالت اثناء مؤتمر لحركة "حياة السود مهمة": " سأصوت في الشهر المقبل ضد ترامب. لدي مشاكل جدية مع المرشحة الأخرى، ولكني لست نرجسية بحيث لا استطيع تجاوزها".
"الأحزاب الثالثة"
ينشط في الولايات المتحدة الى جانب الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري العديد من الاحزاب السياسية، التي يطلق عليها توصيف "الاحزاب الثالثة". وتعاني جميع هذه الأحزاب مصاعب جدية في مواجهة الكبار. ويعود ذلك إلى ارتباط الحزبين الكبيرين الوثيق بالمانحين الكبار في المراكز الاقتصادية والمالية المتنفذة. فقط بواسطة الاموال الهائلة التي تقدمها هذه المراكز يمكن شراء ساعات البث التلفزيوني، والنقل المباشر المنمق لمؤتمرات الحزبين وفعالياتهم المختلفة، مما يجعل مساحة المنافسين لهم ضيقة جدا. كذلك المناظرات التلفزيونية الانتخابية تنحصر في مرشحي الحزبين، بينما يغيب المنافسون الآخرون، وفي احسن الاحوال يظهر بعضهم في حوارات هامشية.
هذا بالإضافة الى الشروط الأخرى التي يفرضها النظام الانتخابي المصمم على مقاييس الكبار، مثل الحد الأدنى لتواقيع الدعم التي يجب على الاحزاب الحصول عليها مسبقا، للسماح لها اصلا بدخول السباق الانتخابي والتي تتباين من ولاية امريكية الى اخرى.
وعلى الرغم من كل هذه المعوقات فان تاريخ انتخابات الرئاسة الأمريكية يسجل نجاحات واختراقات سياسية للأحزاب الثالثة. منها حصول مرشح الحزب التقدمي المدعوم من الحزب الاشتراكي (اكبر احزاب اليسار حينها) والنقابات العمالية في انتخابات 1924 على 16,6 في المائة من اصوات الناخبين. كذلك حصول المرشح اليميني المستقل الملياردير روس بيرو تبرز في انتخابات 1992 على 18,9 في المائة من الأصوات.
ويعتبر الحزب الليبرالي المتشدد (تأسس عام 1971 ) اكبر الأحزاب الثالثة في الوقت الحالي. أما في معسكر اليسار فيعتبر حزب الخضر الأوفر حظا في تحقيق نتائج نسبية.