مدارات

الشيوعي الفرنسي يخوض انتخابات الرئاسة منفرداً

رشيد غويلب
قررت الأكثرية في الكونفرنس الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي في الخامس من الشهر الحالي ان يخوض الحزب انتخابات رئاسة الجمهورية في أيار 2017 منفردا. وعلى رغم ذلك يريد الحزب الاستمرار في الجهود المبذولة للتوصل إلى مرشح مشترك لأوسع تحالف يساري قادر على خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية اللتين ستشهدهما البلاد في العام المقبل. وسيترك القرار النهائي لأعضاء الحزب في استفتاء عام ينظم ايام 26 – 28 تشرين الثاني الجاري. ونص قرار الكونفرنس على تسمية مرشح الحزب إلى انتخابات رئاسة الجمهورية "اذا تطلب الأمر ذلك"، ويمكن سحب الترشيح في حالة الاتفاق على مرشح مشترك لقوى اليسار والقوى البديلة المضادة لسياسة التقشف.
وبعد فشل الجهود المبذولة منذ عدة شهور للاتفاق على مرشح لقوى اليسار والقوى البديلة، طرحت قيادة الحزب على الكونفرنس خيارين: إما دخول الحزب السباق الانتخابي بمرشحه الخاص، أو دعوة الحزب أعضاءه ومؤازريه إلى التصويت لصالح رئيس حزب اليسار الفرنسي جان لوك ميليتشون، الذي كان مرشحا مشتركا لـ "جبهة اليسار الفرنسي" في انتخابات 2012. ومعلوم إن ميليتشون أعلن ترشيح نفسه لخوض الانتخابات هذه المرة بدون التشاور مع الحزب الشيوعي الفرنسي والشركاء الآخرين، وأسس حركة سياسية جديدة باسم "فرنسا الجريئة".
وفي نهاية الكونفرنس صوت 274 مندوبا لصالح تسمية مرشح خاص للحزب، وصوت 218 مندوبا لصالح دعم ميليتشون، وامتنع 27 مندوبا عن التصويت. وأعلن رئيس كتلة الحزب البرلمانية في الجمعية الوطنية استعداده ليكون مرشح الحزب، اذا تم اعتماد هذا الخيار بشكل نهائي.
وشارك في أعمال الكونفرنس اعضاء المجلس الوطني للحزب، ونواب الحزب في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ومندوبون منتخبون يمثلون المنظمات الحزبية.
وكان السكرتير الوطني للحزب بيير لوران قد دعا قبل انعقاد الكونفرنس إلى التصويت لصالح ميليتشون، ما يعني أن الأغلبية لم تؤيد السكرتير الوطني في موقفه، لكن المندوبين صادقوا ايضا على مقترح لوران البديل باستمرار البحث عن مرشح مشترك لقوى اليسار والقوى البديلة. ووصف لوران في كلمته الختامية نتيجة التصويت بانها مثل يحتذى في ممارسة الديمقراطية داخل الحزب، وانه فخور ان يكون سكرتيرا وطنيا لهذا الحزب، الذي أعطى مثلا جديدا للحياة السياسية في فرنسا.
وكان مما جسد وحدة الشيوعيين، إقرارهم الوثيقة السياسية الصادرة عن الكونفرنس والمقترحة من قيادة الحزب، بنسبة 94,29 في المائة، على الرغم من تباين وجهات النظر بشان آلية الاشتراك في الانتخابات الرئاسية. وأكدت الوثيقة وجود رغبة قوية لدى سكان البلاد، بعد عشر سنوات كارثية في ظل رئاسة اليميني ساركوزي، والاشتراكي هولاند، في تحقيق سياسة يسارية بديلة. يجري العمل من قبل القوى المضادة لمنع تحقيق هذا الهدف، وتوظيف نتائج استطلاعات الرأي التي تحصر التنافس في جولة الانتخابات الثانية بين مرشحي اليمين التقليدي واليمين المتطرف.
وتشير الوثيقة إلى انه في ظل هذه الظروف " لا بديل عن أوسع تحالف للقوى المستعدة للعمل بوضوح من اجل سياسة التقدم، والعدالة، والتضامن الجديدة، وفي هذه الحالة تتم محاصرة فخ اليمين وتلبية تطلعات السكان". ولهذا فان "جبهة الشعب –المواطنين" التي يسعى الحزب الشيوعي إلى تشكيلها تمثل مطلبا ملحا. ويجب أن يكون لهذه الجبهة هدف مزدوج: منع اليمين واليمين المتطرف من السيطرة على السلطة السياسية في عام 2017، وتحقيق أغلبية سياسية للبديل اليساري ضد سياسة التقشف،وفي خدمة الحركات الاجتماعية.
لهذا سيطرح الحزب الشيوعي في بداية كانون الثاني مقترحا يدعو إلى "اتفاق والتزام بسياسة جديدة قائمة على الضمان الاجتماعي، الديمقراطية، والتقدم البيئي" وفتح مناقشة عامة حول المقترح، فضلا عن مناقشة جميع البدائل اليسارية المطروحة. وينبغي ان يؤدي ذلك إلى وضع أرضية لبناء تحالف واسع لجميع قوى اليسار البديلة، وخوض معركتي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على هذا الأساس. وتعتبر الوثيقة التي اقرها الكونفرنس تفويضا للسكرتير الوطني وقيادة الحزب للعمل على تحقيق هذه الاهداف، على الرغم من العمل الانشقاقي الذي مارسه ميلينشون والخضر وبعض كوادر الحزب الاشتراكي.