مدارات

تركيا .. تعديل دستوري لشرعنة الاستبداد

رشيد غويلب
يريد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان شرعنة ممارسته للاستبداد. هذا ما يتضمنه مشروع تعديل دستوري عرضه حزب العدالة والتنمية الإسلامي على حزب الحركة القومية اليميني المتشدد، ويراد أن تقره أكثرية برلمانية في قادم الأيام. ويتضمن المشروع الذي نشرته جريدة"حريت" التركية 14 مادة تتناول صلاحيات الرئيس ومدة ولايته.
وقد حاول رئيس الوزراء التركي في تصريحات صحفية له أخيرا التقليل من أهمية التعديل الدستوري المذكور،مدعيا ان التغييرات التي يتضمنها المشروع ليست كبيرة، و تمثل فقط تكييف الدستور مع الواقع الفعلي القائم في البلاد. ويمكن أن تتضمن التعديلات شرعنة الدعم الذي يقدمه الحزب الحاكم للرئيس، الذي لا ينتمي اليه رسميا. وبموجب ذلك يتجاوز اردوغان فعليا القيود الدستورية التي تحدد صلاحيات الرئيس، ولا يحتاج بعدها حتى الى ممارسة الحياد السياسي الشكلي تجاه الحزب الحاكم.ما عدا ذلك سيكون باستطاعته رسميا القيام بما يقوم به منذ فترة طويلة من اختيار أعضاء مجلس الوزراء.
إن إزالة التعارض الدستوري بين رئاسة الجمهورية وعضوية الحزب الحاكم تتيح لاوردوغان تولي زعامة الحزب مجددا، وبالتالي تحديد قوائم مرشحي الحزب في أي انتخابات قادمة.
ويستطيع الرئيس مستقبلا تعيين نصف قضاة المحكمة الدستورية، تاركا النصف الآخر للبرلمان، فضلا عن تعيين رؤساء الجامعات، وهو ما يقوم الرئيس به فعلا بموجب حالة الطوارئ السارية اليوم في البلاد.
وسيحتاج استجواب الرئيس مستقبلا إلى أكثرية الثلثين، أما تقديمه إلى القضاء فيحتاج 75 في المائة من أصوات أعضاء البرلمان.ويحدد المشروع ولاية الرئيس بدورتين، على ألا تطبق بأثر رجعي. وهذا يعني ان اوردوغان سيستمر بحكم البلاد لمدة عشر سنوات بعد أول انتخابات قادمة في عام 2019 . وسيعارض الحزب الجمهوري(الكماليون) إقرار المشروع، لانه لا يريد توسيع صلاحيات الرئيس، وبعض نوابه يعارضون أصلا فكرة التحول إلى نظام رئاسي. وهذا يضعف إمكانية توفير أكثرية الـ 60 في المائة في البرلمان،الضرورية حسب الدستور الحالي لعرض التعديلات على استفتاء شعبي عام.
وبالرغم من هذه المخاوف لم يكن اوردوغان قريبا من هدفه في الانتقال إلى النظام الرئاسي كما هو الآن. ووصف زعيم المعارضة البرلمانية الكمالي قليتش دار أوغلو النظام الجديد بالدكتاتورية ودعا إلى مقاومته. أما زعماء حزب الشعوب الديمقراطي المعارض فلم يعلقوا على المشروع لوجودهم في زنازين الحبس الانفرادي.
تمديد حالة الطوارئ وتوسيع دائرة القمع
وعن طريق تمديد مرسوم الطوارئ الجديد، وبحجة العلاقة بـ "منظمات ارهابية" اقدم الرئيس التركي على طرد أكثر من 10 آلاف اخرين من منتسبي القوات الأمنية. بالإضافة إلى حل العديد من المنظمات بضمنها 375 جمعية و 18 مؤسسة، وإغلاق مركز صحي كبير. وشهدت الوزارات كذلك حملات تطهير جماعي، واستمرت كذلك حملات القمع ضد المؤسسات الإعلامية. فتم في هذا السياق غلق سبع صحف جديدة، وإذاعة محلية أخرى.
ومنذ فشل المحاولة الانقلابية في منتصف تموز الفائت يحكم اوردوغان بواسطة مراسيم الطوارئ، التي تتمتع بقوة القانون، وتكون نافذة المفعول فور إعلانها، على أن يقوم البرلمان لاحقا بإقرارها. وتستمر حالة الطوارئ القابلة للتجديد إلى منتصف كانون الثاني 2017 .
وبموجب المرسوم الجديد سيجري الإعلان شهريا عن أسماء موظفي الدولة المفصولين عن العمل. وتواجه هذه الممارسة المثيرة للجدل معارضة لأنها تشهر بالضحايا من دون إدانة قضائية.
وفي هذه الأثناء سحب الحزب الحاكم مشروع قانون يقضي بتزويج المغتصبات القاصرات إلى مغتصبيهن . وأعيد المشروع إلى اللجنة البرلمانية، لإجراء تعديلات عليه بمشاركة المعارضة البرلمانية والمنظمات الاجتماعية.
وكان من المقرر ان يصوت البرلمان على مشروع القانون الثلاثاء المقبل. ويقول نقاد المشروع إن إصداره يمكن أن يشجع على انتشار جرائم الاغتصاب. فهو يتضمن إعفاء المعتدي من العقوبة في حالة زواجه من الضحية.